خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَآ إِلَىٰ ٱلْبَيْتِ ٱلْعَتِيقِ
٣٣
-الحج

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمَّىً ثُمَّ مَحِلُّهَآ إِلَى البَيْتِ العَتِيقِ } هذا دليل قوي على ان الشعائر الهدايا ومن لم يقل هذا فانما يرجع الضمير للهدايا المدلول عليها بالسياق السابق واللاحق والمنافع درها ونسلها وصوفها ووبرها وشعرها وظهرها لتنفع بذلك منها ويركب ظهرها للحج وللتجارة ويحمل عليها كذلك وله التصديق بذلك منها.
وانما يعتد بالمنافع الدينية تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والاجل المسمى وقت نحرها ينتفع بها ما لم تنحر ومحلها مكان حل نحرها ومعنى (إلى البيت) إلى ما يلي البيت والمراد الحرم كقولك بلغت البلد وانما شارفته وقاربته والمحل زمان ميمي اي زمان وجوب نحرها أو مصدر ميمي أي وجوب نحرها وهو مبتدأ و (إلى البيت) خبر أي منته إلى البيت.
وقيل: (إلى) بمعنى عند وذلك أولى مما قيل محلها معطوف على منافع (وإلى البيت) حال من المضاف البيت أي ثم وقت نحرها منتهية إلى البيت وأصل (ثم) التراخي في الوقت كما مر التفسيرية ويجوز ان تكون قد استعيرت هنا للتراخي في الرتبة اي لكم فيها منافع دنيوية أو أخروية إلى وقت النحر وبعده منافع دينية محضة اعظم منها كذا فهمت من كلام بعض.
وفيه ان فيها منفعة دنيوية بعده لجواز الأكل منها على ما مر أو الكلام على تفسير الشعائر بدين الله أو فرائض الحج أو نحو ذلك متصل بحديث الانعام والضمير في (فيها) لها أو المراد على تفسيرها بدين الله ان لكم فيها منافع تنفعون بها إلى أجل مسمى هو الموت ثم محلها إلى البيت الذي ترفع إليه الاعمال ويكون فيه ثوابها وهو البيت المعمور أو الجنة.
وعلى تفسيرها بفرائض الحج لكم فيها منافع التجارة في الاسواق إلى وقت المراجعة ثم وقت الخروج منها منتهية إلى الكعبة بالاحلال بطواف الزيارة.
وعن مالك الاجل المسمى الرجوع إلى مكة لطواف الافاضة ثم آخر هذا كله إلى طواف الافاضة فالمراد بالبيت على هذا ونحوه هو نفس البيت.
وعن عطا عن ابن عباس الاجل المسمى ان تقلد البدن وتشعر وكذا قال مجاهد ينتفع بها حتى تقلد ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسوق بدنة فقال:
"اركبها قال: انها بدنة قال: اركبها ويحك في الثانية والثالثة"
وعن جابر بن عبدالله عنه صلى الله عليه وسلم يقول "اركبها بالمعروف حتى تجد ظهرا"
وعن هشام بن عروة عن ابيه إذا احتاج سائق البدنة ركبها غير قادح وشرب من فضل فصيلها.
وقال قتادة والضحاك: الاجل المسمى المنتهي فيه الانتفاع وقت تقليدها واشعارها كما قال مجاهد.
وفي رواية عطا؛ الاجل المسمى ان تنحر وقول مالك والشافعي واحمد واسحاق يجوز الحمل عليها والركوب من غير اضرار وقول أصحاب الرأي لا تركب الا لضرورة.
ونسب للمجهور واجاز ركوبه من غير ضرورة قول أهل الظاهر واستظهر بعضهم المنع لانها متقرب به إلى الله.
والخلاف في هدي الواجب والتطوع ومذهبنا جواز الانتفاع به لغير المضطر ما لم تقلد أو تشعر.
وقيل: إذا نوى الهدي لم ينتفع به والاشعار بالجرح يكون قبل الاحرام وبغيره وهو التقليد قبله أو بعده والتقليد ان يجعل في عنقه حبلا يعلق به نعلان أو نعل والاشعار ان يشق في الجانب الايسر من نحو الرقبة إلى المؤخرة بعد ان يقول بسم الله والله أكبر ويجلله ان شاء للحر والذباب ولا يلزم صدقة الجلال ويستحب التوجيه به إلى القبلة حين التقليد والاشعار.
وروي ان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بذي الحليفة ودعا ببدنة فاشعرها في صفة سنامها وسلت الدم وقلدها نعلين وفي ذلك رد على ابن عبدالعزيز في منعه الاشعار لانه مثلة.
ومذهب الربيع -رحمه الله - انه في الجانب الايسر من السنام.
وقيل: في جانب السنام الايمن وهو ما رواه ابن عباس من فعل النبي صلى الله عليه وسلم.
وقيل: من الاذن إلى المؤخر في الجانب الايسر.
والتقليد والاشعار سنة البقرة والجمال وتقلد الغنم ولا تشعر.
وقال الربيع: لا تشعر ولا تقلد وإذا قلد أو أشعر وجب عليه الاحرام ولو لم يصل الميقات ويجوز الرجوع في الهدي ما لم يتكلم بانه هدي أو يقلد أو يشعر ويجوز ابداله ما لم يكن ذلك.
ورجح بعض اصحابنا جواز الانتفاع به بلا ضرورة ما لم يكن ذلك لا بعده الا ضرورة.
وسنة الهدي ان يساق من الحل وان اشتراه من مكة وقف به عرفة وان لم يقف به ابدله وكذا يقف به ان ساقه من الحل وذلك قول مالك والليث وهو قول ابن عمر.
وقال الشافعي وجماعة: الوقوف به سنة ولا هدي على تاركه ساقه من حل أو حرم وهو قول عائشة.
ومحل الهدي مكة ومن نحر في الحرم قبلها اجزاه عندنا.
وقيل: لا يجزيه.
وقيل: يجوز حيث شاء الا هدي القرآن وجزاء الصيد ففي الحرم لا قبله.
ومن نحر في منى اجزاه اجماعا وهدي المحصر عند أكثر المخالفين محله حيث احصر ولو في الحل وعن مجاهد عن ابن عباس من أكل من هدي التطوع ابدل من أكل ولا ينحر هدي التطوع أو التمتع الا في ايام النحر.
وقال الابدلاني: يجوز نحر هدي التطوع قبل يوم النحر ولا يجزي عندنا قبله هدي المتعة والقرآن والاحصار وان عطب.
ومذهب مالك جواز الأكل قبل بلوغ المحل وبعده مما وجب لنقص في حج أو عمرة كهدي التمتع والقران وكذا هدي الفساد على المشهور ومنعه قبل وبعد فمن نذر المساكين المعين وجوازه قبل لا يعد من جزاء الصلاة وفدية الاذي ونذر المساكين غير المعين وجوازه بعد لا قيل من هدي التطوع وما يجوز الاكل منه جاز اطعام الغني منه والذمي وما لا يجوز الاكل منه فانما المسلم الفقير الذي لا تلزمه نفقته وهو كلام مقبول عندنا.