خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ
٣٨
أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ وَإِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ
٣٩
-الحج

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ } ضر المشركين { عَنْ الَّذِينَ آمَنُوا } لايمانهم والمدافعة مفاعلة للمبالغة في الدفع اي يبالغ في الدفع مبالغة من يغالب فيه وفعل المغالب يجيء أقوى وابلغ.
وقال عياض: (المدافعة) هنا (مفاعلة) بين متعدد فان المشركين يؤذون المؤمنين ويدفعونهم والله يدفع المشركين.
وقال الاخفش والفارسي: (المدافعة) بمعنى (الدفع) من موافقة المزيد المجرد.
وقرأ ابو عمرو وابن كثير: (يدفع) قال الاخفش وهي اكثر في الكلام.
وعن الحسن المعنى ان الله يعصمهم من الشياطين في دينهم.
قال بعضهم: والله ما ضيع الله رجلا حفظ له دينه * { إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ } كثير الخيانة في الفعل والقول والاعتقاد { كَفُورٍ } كثير الكفر بربه ونعمته أو بنعمته.
والآية عمت المشرك والمنافق والمعنى انه يعاقب الكل وذلك قول الحسن وقيل المراد هنا من تقرب إلى الاصنام بذبيحته وسمى غير الله عليها واعلم ان (كلا) هنا لعموم السلب أي كل فرد من افراد الكفار الخونة لا يحبه الله وذلك على خلاف الغالب فان الغالب انها إذا كانت بعد النفي لفظا أو تقدير السلب العموم فيبقى الحكم لبعض الافراد نحو (لم آخذ كل الدراهم وكل الدراهم لم آخذ) تقول ذلك اخذت بعضا.
وقد يقال: هي هنا على الغالب لا يحب كلا منهم بل يحب بعضا فقط وهو من يتوب من خيانته وكفره لكن فيه ضعفا لانه انما يحسن لو كان يصح ادعاء محنة الكل فندفع بذلك.
وذكر ابن هشام ان دلالة الصورة المذكورة على سلب العموم من قبيل دلالة المفهوم وهي تعتبر عند عدم المعارض والمعارض موجود في الآية وفي قوله: { لا يحب كل مختال كفور } وقوله: (ولا قطع كل) حلاف وهو تحريم مطلق الخيانة والكفر والاختيال والحلف بكذب وما بعد الحلف اهو لا يبعد ان (كلا) بعد النفي ليست الا لرفع الايجاب الكلي الذي يتحقق بالانتفاء عن كل فرد أو عن البعض مع الثبوت للبعض واستفادة سلب العموم أو عموم السلب موكولة للقرائن { أذنُ } اي في القتال بدليل قوله { لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ } يدفعون المشركين ويدفعهم المشركون.
كما يروى ان عمر لما اسلم كانوا يضربونه ويضربهم وليس هذا بالقتال الذي نهوا عنه.
قيل: (والذين يقاتلون) وهم المؤمنون برسول الله صلى الله عليه وسلم يقاتلهم المشركون.
والاذن للترخيص والاطلاق بعد الحصر.
وقرئ { أَذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ } ببنائهما للفاعل أي (اذن الله للذين يقاتلون المشركين).
وقرأ ابن كثير وابن عامر وحمزة والكسائي ببناء (اذن) للفاعل واما (يقاتلون) فبناه للمفعول ابن عامر وحفص.
قال أبو عمرو؛ قرأ نافع وعاصم وأبو عمرو (اذن) بضم الهمزة والباقون بفتحها.
وقرأ نافع وابن عامر وحفص (يقاتلون) بفتح التاء والباقون بكسرها { بِأَنَّهُمْ } لانهم { ظُلِمُوا } ظلمهم مشركو مكة وكانوا ياتون رسول الله صلى الله عليه وسلم بين مضروب ومشجوج يشتكون إليه فيقول لهم:
"أصبروا فلم أومر بالقتال" حتى هاجر فانزلت هذه الآية وهي أول آية أذن فيها بالقتال بعد ما نهي عنه في نيف وسبعين آية.
وقيل: سبب نزولها في المدينة ان قوما خرجوا من مكة مهاجرين إلى المدينة فادركهم المشركون يؤذونهم ويردونهم فاذن الله للمؤمنين في القتال بعد ذلك قاله الحسن.
وقيل: المعنى (ظلموا) في اخراجهم من ديارهم وفي ابدانهم وقد قتل ابو جهل سمية أم عمار بن ياسر وعذب بلالا.
قال ابن عباس وابن جبير: نزلت عند هجرة النبي صلى الله عليه وسلم.
قال ابو بكر الصديق: لما سمعتها علمت انه سيكون قتال و(الباء) متعلقة بـ (اذن) مطلقا أو بـ(يقاتِلون) في قراءة كسر التاء لا في قراءة فتحها لا على معنى يقاتلون على الظلم { وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ } وعد بالنصر وارادة له على طريق كلام الجبابرة وكذا في قوله (ان الله يدافع عن الذين آمنوا).