خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ وَلَوْلاَ دَفْعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا ٱسمُ ٱللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
٤٠
-الحج

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ الَّذينَ أُخرِجُوا مِن دِيَارِهِم } أي مكة * { بِغَيْرِ حَقٍّ } نعت للذين أو خبر لمحذوف أو منصوب بمحذوف على المدح * { إِلاَّ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا اللَّهُ } منصوب على الاستثناء والاستثناء متصل اي اخرجوهم بغير حق موجب للاخراج فان كان لهم حق في الاخراج فما هو الا التوحيد الذي ينبغي ان يكون موجب الاقرار والتمكين لا الاخراج فذلك من تأكيد المدح بما يشبه الذم كقول النابغة:

ولا عيب فيهم غير ان سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب

أو بدل من (غير) أو من قوله بغير على تقدير الباء أو مستثنى من (غير) وكل من هذا الابدال وهذا الاستثناء منقطع.
قال الحسن: والله ما سفكوا لهم من دم ولا اخذوا لهم من مال ولا قطعوا لهم من رحم وانما اخرجوهم لقولهم: (ربنا الله)،
{ وما نقموا منهم الا ان يؤمنوا بالله العزيز الحميد } { وَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ } وقرأ أبو عمرو وابن كثير: (لولا دفع الله الناس) مفعول للمصدر المضاف للفاعل الذي هو (الله) { بَعْضَهُم } بدل بعض { بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ } يسلط المؤمنين من الامم وهذه الامة على المشركين بالجهاد أو المراد يسلط بعضا على بعض لاقامة الحق فيدخل فيه اقامة الحدود على المشرك والموحد والباء للامالة.
وقال ابن هشام: المتعدية والاصل (دفع بعض الناس بعضا) ويرده انها لم تصير الفاعل مفعولا لانها دخلت على ما كان مفعولا والاحسن ان يقدر دفع الناس بعض بتقديم المفعول فتكون الباء داخلة على الفاعل الا ان يقال ليس تصير الفاعل بدخولها عليه مفعولا بلازم (لهدمت).
وقرأ غير نافع قال أبو عمر والداني وغير ابن كثير بالتشديد أي للمبالغة والتكثير والمراد لهدم بالقصد وترك المعاهدة والعمارة حتى يكون الانهدام { صَوَامِعُ } جمع صومعة وهي بناء مرتفع منفرد رقيق الاعلى تتخذه الرهبان من النصارى واليهود لعبادة الله حين كثر فيهم الشرك والجور وذلك هو المراد في الآية ثم طال عليهم العهد ومات حملة العلم منهم فصاروا يتعبدون في الصوامع ويدخلون الشرك في افعالهم واقوالهم واعتقادهم والمسلمون بنوا الصوامع للاذان على هيئة صوامع الرهبان.
وقيل: المراد صوامع رهبان النصارى وانها مختصة بهم.
وزعم بعضهم ان المراد صوامع الصابئين ويرده انهم كفار لم يحسنوا اتباع التوراة ولا اتباع الانجيل فكيف تمدح صوامعهم.
وادغم التاء في الصاد الكسائي وحمزة وابو عمرو وابن ذكوان { وبِيعَ } جمع بيعة وهي كنائس النصارى المؤمنين بان عيسى عبدالله ورسوله المصدقين بجميع الانبياء ولا نعمت عين لنصراني سواهم.
وقال الطبري: هي كنائس اليهود عند بعض { وَصَلَوَاتٌ } كنائس اليهود سميت بذلك لانه يصلى فيها جمع صلاة.
وقيل: كلمة مفردة معربة اصلها بالعبرانية صلوتا ويرده الصرف.
وقال أبو العالية: وصلوات مساجد الصابئين.
وقيل: الصلوات جمع صلاة بمعنى العبادة المخصوصة مشتركة فيها كل امة ويضعفة ان اسناد المهدومية إليها بناء في ذلك الا ان يقال باستعمال هدمت في الهدم فيما سواها وفي التعطيل في جانبها استعمالا للكلمة في حقيقتها ومجازها أو باستعماله في الكل بمعنى مطلق التعطيل.
{ وَمَسَاجِدُ } مساجد هذه الامة آخرها نظرا لتأخير زمانها والمراد لولا تسليط الله المؤمنين على المشركين بالجهاد لاستولى المشركون على المؤمنين من كل أمة ولم يتركوا لهم متعبدا أو المراد صوامع من كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وبيعهم وصلواتهم أي لغلب المشركون على هؤلاء وعلى المسلمين فيهدمون متعبدات الكل { يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً } الضمير للكل فالجملة صفة للكل أو للمساجد فالجملة صفة لها خصت بها تفضيلا وفي الاية للامر بالقتال { وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ } ينصر دينه وأولياءه وقد انجز وعده وبر يمينه بان سلط المهاجرين والانصار رضي الله عنهم على صناديد العرب واكاسرة الفرس وقياصرة النصارى. واورثهم ارضهم وديارهم واموالهم وهذا النصر يعم كل من نصر دين الله إلى يوم القيامة { إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ } في سلطانه على خلقه ينصر ناصره { عَزِيزٌ } في انتقامه لا يمنع مما اراد.