خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ
٤٥
-الحج

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ فَكأَيِّن } أي كم بنيت لتضمنها معنى رب التكثيرية أو للتركيب من كاف التشبيه وأي المنونة ولهذا جاز الوقف عليها بالنون لان التنوين لما دخل في التركيب اشبه النون الاصلية ولهذا رسم في المصحف نونا.
وبعضهم وقف بحذف التنوين والكلام مبسوط عليها في غير هذا الموضع * { مِّن قَرْيَةٍ } قيل: (من) زائدة في المضاف إليه في الاثبات.
وقيل غير زائدة لكن لا تتعلق بشيء واجاز بعض وصف (كأي) فتتعلق بمحذوف وجوبا نعت لها { أَهْلَكْنَاهَا } خبر للمبتدأ الذي هو (كأي) والتأنيث لوقوعها على قرية وبئر وقصر والمراد اهلكنا اهلها.
وقرأ ابو عمرو (اهلكتها) بالتاء.
قيل: وكذا قرأ ابن عامر ويجوز جعل (كأي) مفعولا بمحذوف مقدر بعدها على الاشتغال * { وَهِيَ ظَالِمَةٌ } حال من مفعول (أهلكنا) والمراد (ظالم أهلها) كقولك: (زينب قائم ابوها) { فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا } جملة اسمية معطوفة على (اهلكناها) في محل رفع ان كان (اهلكناها) خبرا ولا محل لها ان كان من الاشتغال ولا يصح عطفها على (هي ظالمة) لان (هي ظالمة) حال وهذه لا تصح حاليتها لان القرية في حال الاهلاك ليست خاوية نعم يصح عطفها على (ظالمة) مبينا بها ان الظلم سبب خوائها.
والظلم، الشرك إذا عم؛ والخاوية؛ الساقطة أو الخالية من اهلها.
خوى النجم سقط وخوى المنزل خلا من اهله.
والعروش؛ جمع عرش وهو كل ما علاك واظلك والمراد هنا السقوف أي فهي ساقطة حيطانها على سقوفها سواء سقطت السقوف ايضا إلى الارض قبل سقوط الحيطان عليها أو بعده أو لم تسقط وعلى متعلق بخاوية أو فهي خالية من أهلها مع بقاء عروشها فعلى متعلق بخاوية اي مع بقاء عروشها أو حال من ضمير خاوية أو خبر ثاني كما تقول: (زيد على ماله) وان تريد عدم زوال ماله لا استعلاء على ماله أو فهي خالية مظلة الحيطان على السقوف أي مشرفة الوقوع عليها سواء سقط السقوف ام لم تسقط فالجار والمجرور خبر ثان أو حال.
وقيل: العروش البنيان أي خالية مع بقاء البنيان أو ساقط بعض بنيانها على بعض { وَبِئرٍ مُّعَطَّلَةٍ } عطف على قرية والمعطلة المتروكة لموت اهلها بلا استسقاء منها والمراد ما يعم الآبار التي في القرى والتي في الصحارى والتي بقي معها آلة السقي والتي لم يتبق آلة السقي معه.
وقيل: المراد آبار الصحاري.
وقيل: المراد الآبار التي بقي معها آلة السقي.
وقرئ (معطلة) باسكان العين من اعطلة بمعنى عطلة وهي قراءة الحسن فقيل: العطف على عروش أي خالية من سلامة عروشها وبيرها المعطلة.
وقيل: المعطلة المهدومة هدمها مرور الايام عليها خالية ممن يعاهدها * { وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ } مجصص أو مرفوع حصين اسم مفعول (مشيد) اصله (مشيود) ثقلت الضمة على الياء فحذفت الضمة فالتقى ساكنان حذفت الواو وكسرت الشين أو كسرت الشين وحذفت الياء وقلبت الواو ياء أو نقلت الضمة للشين وحذفت الياء وقلبت الضمة كسرة والواو ياء والعطف على بئر أو قرية وهما في (اهلكناها) عائدة لقرية وبئر وقصر وهما في نية التقديم أي (وكم من قرية وبئر معطلة وقصر مشيد اهلكنا اهلها وهي ظالم اهلها).
ويختص قوله { فهي خاوية على عروشها } بالقرية ويقدر لغيرها ما يناسبه أي وهو عنى القصر اخليناه عن ساكنيه وحذف لدلالة المقام ولا يحتاج قوله بئر معطلة إلى تقدير ومن تلك القرى والقصور والآبار ما هو باليمن ومنها ما هو بغيره كحضرموت.
روي ان في حضرموت بئر انزل عليها صالح عليه السلام مع اربعة آلاف نفر ممن آمن به ونجاهم الله من العذاب.
ولا يحسن تخريج الآية على هذه البئر وهذا القصر لان العطف على التكثير؛ نعم؛ يصح على تقدير (رب) لكن التقليل لا يناسب مساق الآية لانها سيقت لتكثير ما اهلك تخويفا فالاولى تعميم البئر والقصر المشيد فيدخل فيها هذان وغيرهما.
سميت حضرموت حضرموت لان صالحا لما حضرها مات.
وقيل: ان اهلها قدموا رجلا للقتال فقال حضر الموت وعند البئر بلدة اسمها حاضور بناها قوم صالح بعد موته وامروا عليها جهلس بن جبلس واقاموا بها زمانا ثم كفروا وعبدوا صنما وارسل الله إليهم حنظلة بن صفوان فقتلوه في السوق والقوه في البئر فاهلكهم الله وعطل البئر وخرب قصورهم.
واعلم ان وصف القصر بالمشيد دليل على ان معنى (فهي خاوية على عروشها) هي خالية مع بقاء عروشها.