خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَآ أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى ٱلأَبْصَارُ وَلَـٰكِن تَعْمَىٰ ٱلْقُلُوبُ ٱلَّتِي فِي ٱلصُّدُورِ
٤٦
-الحج

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ } يعني كفار مكة { فَتَكُونَ لَهُمْ } بالنصب في جواب النفي أو الاستفهام الانكاري أو التقريري وفيه توبيخ وقرأ بالتحتية { قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا } ما نزل بالمكذبين فيصدقون وهذه الآية تقتضي ان العقل في القلب وللدماغ اتصال بالقلب يوجب فساد العقل من خلل في الدماغ.
وقيل: هو في الدماغ والصحيح الاول وبسط ذلك في الفقه.
{ أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا } اخبارهم بالاهلاك وخراب الديار فيعتبرون فيقولون السمع للوحي فانهم اذا سافروا راوا فيسألون فيجابون فيسمعون بل إذا سافروا فربما اخبرهم من معهم بدون ان يسألوه والواقع انهم سافروا وسمعوا ولم يعتبروا فكأنهم لم يسافروا ويحتمل.
قيل: انهم لم يسافروا فحثوا على السفر ليروا مصارع المهلكين بالتكذيب.
قيل: وان يكونوا سافروا ولم يعلموا بذلك ولو رأوه { فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ } الضمير للقصة ولا يحتاج الخبر لربط لانه نفس اسم ان أو الضمير لمبهم مؤنث وفي تعمي ضميره ويفسر بالابصار على ان الابصار بدل من ضمير تعمي الذي هو الرابط أو الابصار فاعل تعمي مفسر للضمير فهو على هذا من اعادة اسم ان بمعناه فهو الرابط ويدل على ان الضمير للقصة.
قرأ ابن مسعود بأنه اي الشأن { وَلَكِن تَعْمَى القُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ } اي ليس اهلاكهم بان تعمي ابصارهم فهي صحيحة سالمة ولكن بان لا يجعل لهم نورا في قلوبهم يعتبرون به ويتركون اتباع الهوى والتقليد أو المعنى لا يعتد بعمى الابصار ولو عمت فكأنه ليس بعمى بالنسبة إلى عمى القلوب وما ضر عمى البصر مع وجود البصيرة وما نفع البصر مع عدم البصيرة وكأنه قيل ليس العمى بزوال نور العين بل بعدم نور القلب كقوله صلى الله عليه وسلم:
"ليس الشديد بالصرعة وليس المسكين بهذا الطواف"
وروي انه لما نزل ومن كان في هذه اعمى فهو في الآخرة (اعمى) قال ابن ام مكتوم يا رسول الله انا في الدنيا اعمى أفأكون في الآخرة اعمى فنزلت هذه الآية ودخل عقيل على معاوية وقد كف بصره فاجلسه معه على سريره ثم قال له انتم معشر بني هاشم تصابون في ابصاركم فقال له عقيل: وانتم معشر بني امية تصابون في بصائركم.
ومن اراد تدمير الظالم واخراب بيته وفساد حاله فلياخذ من شجرة العشار سبع اوراق كل يوم ورقة قبل طلوع الشمس ويبدأ بيوم السبت من آخر الشهر ثم يجفف الورق في الظل بحيث لا تراه الشمس ويكتب على كل ورقة قبل الجفاف (ثم اخذت الذين كفروا) إلى (في الصدور ظاهرا أو باطنا) ويدق الاوراق دافانا عما ويقول عند الدق: فلان عن فلانه حتى يفرغ ثم يرش المدقوق بباب الظالم الذي يخرج منه ويدخل (والتي) نعت توكيد لما كان المتعارف الحقيقي ان العمى للبصر واريد استعارته للقلب ونفيه عن البصر احتاج الكلام إلى زيادة تعيين وفضل تعريف ليتقرر ما هو خلاف المتعارف وهو ان مكان العمى القلب لا العين كقولك: (ليس المضاء للسيف ولكن للسانك الذي بين فكيك) بالتأكيد بالذي بين فكيك أي ما نفيت للمضاء عن السيف واثبتته للسانك سهوا بل تعمدته تعمدا.