خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ أَنِ ٱصْنَعِ ٱلْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَآءَ أَمْرُنَا وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ فَٱسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ
٢٧
فَإِذَا ٱسْتَوَيْتَ أَنتَ وَمَن مَّعَكَ عَلَى ٱلْفُلْكِ فَقُلِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي نَجَّانَا مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ
٢٨
-المؤمنون

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ فَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ أَنِ } مفسرة قالوا أو مصدرية { اصْنَعِ الْفُلْكَ } السفينة { بِأَعْيُنِنَا } بمرأى منا اي في موضع نراك فيه ونعلمك ولا يكون في موضع الا والله يراه ويعلمه والمراد نحفظك وايها فلا يعارض عنها ولا يفسد عمله ورد الجمع والافراد يقال: (عين الله) بمعنى حفظه وعلمه واعينه كذلك ولم ترد التثنية فلا يجوز { وَوَحِيْنَا } اي وبامرنا اياك كيف تصنع ارسل اليه جبريل وعلمه عمل السفينة وروي انه اوحى اليه ان يضعها على مثال جؤجؤة الطائر.
{ فَإِذَا جَآءَ أَمْرُونَا } باهلاكهم أو بالركوب فالامر بمعنى القول.
وقيل: امرنا اهلاكنا { وَفَارَ التَّنُّورُ } الذي يخبز فيه وهو من حجارة.
وروي انه كان عند آدم.
وقيل: وهو وجه الارض وهو قول ابن عباس.
وقال قتادة: أعلى موضع في الارض ومعنى (فار التنور) فاض بالماء وذلك علامة لنوح عليه السلام.
وعن علي: (فار التنور) طلع الفجر.
وقيل: معناه ان فوران التنور كان عند تنوير الفجر.
وقيل: هو مثل للشدة كقوله صلى الله عليه وسلم
"حمي الوطيس" والصحيح ان التنور تنور الخبز.
وعن الشعبي كان في مسجد الكوفة عن يمين الداخل مما يلي باب كندة وعمل السفينة وسط الموضع الذي هو الآن مسجدها وهو المسجد المذكور.
وقيل: كان ذلك بالشام بموضع يقال له عين وردة.
وقيل: بالهند وقال لامراتة إذا فار فاخبريني واخبرته فركب { فَاسْلُكْ } ادخل { فِيهَا } في الفلك { مِن كُلِ زَوْجَيْنِ } من كل امتي زوجين امة الذكور وامة الانثى والزوج الواحد للقرون بآخر واطلاق الزوج على واحد كلام العامة.
وقيل: لغة ضعيفة { اثْنَيْنِ } فردين اثنين ذكرا وانثى مفعول (لاسلك) ويكون (سلك لازما) ايضا بمعنى دخل والزوجات من كل شيء هم المزدوجان وقرأ حفص عن عاصم بتنوين كل فزوجين مفعول واثنين توكيدا ونعت مؤكد اي من كل نوع زوجين الجمل والناقة والحصان والرمك والكبش والنعجة وهكذا من كل ما يلد ويبيض (ومن) متعلقة بـ (اسلك) أو حال من اثنين ويتعين الاول في قراءة التنوين.
وروي ان الله عز وجل حشر لنوح السباع والطير وغيرهما فجعل يضرب يديه في كل نوع فتقع يمناه على الذكر ويسراه على الانثى فيحملها { وَاهْلَكَ } قرابتك ومن في بيتك { إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ القَوْلُ } وجب عليه العذاب أو الغضب او سبق عليه القول والقضاء بالهلاك { مِنْهُمْ } وهو ابنه كطن وزوجته وحمل معه اولاده الآخرين وهم سام وحام ويافث وازواجهم الثلاث.
وقيل: أهله من آمن به والاستثناء منقطع و(من) واقعة على (الكفار) والضمير في (منهم) عائد على قومه مطلقا.
ويصح على قول ابن الحاجب ان يقال: اهلك فعل ماض مفعول محذوف اي اهلك الله القوم الا من سبق عليه القول منهم انه لا يهلك وهو المؤمنون فعلى هذا ففي اهلك التفاوت و(من) واقعة على المؤمنين و(على) مستعملة في النفع أي (من قضى الله عليه انه لا يهلك).
واصل (على) ان تستعمل في الضر كما في التفسيرين الاولين فان القول السابق في علم الله ضار لهم عكس اللام مثل { ان الذين سبقت لهم منا الحسنى ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين }.
وقول عمر: ليتها كانت كفافا لا لي ولا عليّ.
وجميع من في السفينة سبعة هو واولاده الثلاث وازواجهم.
وقيل: ثمانية وسبعون نصفهم ذكور ونصفهم اناث.
وقيل: كانت فيهم امرأة لنوح { وَلاَ تُخَاطِبْنِى فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا } اشركوا وعصوا لا تطلبني بترك اهلاكهم ومنع صاحب السؤالات ان تقول: خاطبت الله واجازه السعد التفتازاني وغيره وهو ظاهر الآية لانها تفهم اجازة الله لنوح ان يخاطبه في غير الذين ظلموا.
{ إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ } انما نهاه عن الدعاء للظالمين بالنجاة لظلمهم وايجاب الحكمة ان يغرقوا لمال في اغراقهم من المصلحة بعد ان امهلهم دهورا متطاولة فلم يزيدوا الا ضلالا ولم يبق الا ان يجعلوا عبرة للمعتبرين ولا تقبل الشفاعة فيهم وبالغ في ذلك في اتباعه بالامر بالحمد على اهلاكهم والنجاة في قوله { فَإِذَا اسْتَويتَ } اعتدلت { أَنتَ وَمَن مَّعَكَ } من المؤمنين وأما البهائم فغير معتبرة أو المراد بـ (من) المؤمنين والبهائم فمن على هذا مستعملة في العالم وغيره واعتبرت لانها منافع لهم ولمن يعدهم وغلبت ما فيه المنفعة على غيره منها فاوقع الحمد على نجاة المجموع بل الحمد يكون على السراء والضراء فلا تغليب { عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } وهذا كقوله:
{ فقطع دابر القوم الذين ظلموا } و { الحمد لله رب العالمين