خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

لَّوْلاۤ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ ٱلْمُؤْمِنُونَ وَٱلْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُواْ هَـٰذَآ إِفْكٌ مُّبِينٌ
١٢
-النور

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ لَّوْلآ } قال القاضي حرف تحضيض داخلة على قوله ظن المؤمنون لكن فصل بينهما (باذ) متعلقة بظن { إِذْ } حين { سَمِعْتُمُوهُ } اي الافك وجاز الفصل بين لولا والفعل وهو ظن بالظرف لان منزل منزلته من حيث انه لا ينفك عنه ولذلك يتسع فيه ما لا يتسع في غيره وذلك لان ذكر الظرف اهم فان التحضيض على ان لا يخلو باول ظن الخير.
قلت الظاهر انها حرف توبيخ وتنديم وهي مختصة بالماضي فصلت عنه بالظرف كما مر لا حرف تحضيض لان التحضيضية تختص بالمضارع وبالماضي الذي بمعناه لان التحضيض انما يكون على شيء مستقبل ولعله قال حرف تحضيض لان التوبيخ على واقع تحضيض على مستقبل { ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرَاً } المؤمنون والمؤمنات اسمان ظاهران من قبيل الغيبة وهما والتاء الخطابية في سمعتموه لمسعى واحد ففي ذلك التفات من الخطاب إلى الغيبة ووضع الظاهر موضع المضمر والاصل ظننتم بانفسكم خيرا ونكته الالتفات التوبيخ بطريق الالتفات ونكته وضع الظاهر موضع المضمر التصريح بلفظ الايمان الدال على الاشتراك في الايمان مقتضاه ان لا يصدق مؤمن على اخيه أو اخته ولا مؤمنة على اختها أو اخيها قول عائب ولا طاعن ومن صدق قائلا على اخيه فكأنه صدقه على نفسه فان المؤمنين كنفس واحدة ولذا قال بانفسهم لكن المراد بالذين منهم من المؤمنين والمؤمنات كأنه قيل ظن بعضهم ببعض خيرا.
قال ابو ايوب الانصاري - رضي الله عنه -: لزوجته ام ايوب الا ترين ما يقال فقالت: لو كنت بدل صفوان اكنت تفعل بحرمة رسول الله صلى الله عليه وسلم سواء.
قال: لا.
قالت: ولو كنت انا بدل عائشة ما خنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعائشة خير مني وصفوان خير منك.
وفي رواية ان ام ايوب دخلت على ابي ايوب.
فقالت: اسمعت ما قيل.
فقال: اتفعلن ذلك.
قالت: لا.
قال: فعائشة خير منك.
قالت: نعم * { وَقَالُوا هَذَآ إِفْكٌ مُّبِينٌ } كذب عظيم واضح لا يشوبه شيء ما من الصدق والعطف على
{ ظن المؤمنون } الخ فالتوبيخ والتنديم متسلطان عليه ايضا وفيه تنبيه على انه حق على المؤمن إذا سمع قولا في اخيه ان يقول بملأ فيه هذا الذي قيل فيه افك مبين تصريحا ببراءة ساحته كما انه حق عليه إذا سمع ان يظن فيه خيرا ولا يشك في الشر ويذب عنه كما يذب عن نفسه وينفي عنه السوء كما ينفي المتيقن المطلع على الحال وهذا ادب حسن قل القائم في الازمنة الماضية وكان منقطع في هذا الزمان وليتنا وجدنا من يسمع ولا يفشي بل ليتنا وجدنا ابن يسمع ويحكي على لسان غيره بان يقول قال فلان في فلان كذا.