خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي ٱلأَرْضِ كَمَا ٱسْتَخْلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ ٱلَّذِي ٱرْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذٰلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ
٥٥
-النور

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْض } يجعلهم خلفاء يتصرفون في الارض تصرف الملوك في مملوكاتهم ويزيل الملك عن المشركين والمنافقين.
وقد صدق وعده بان فتح لهم البلاد العربية والعجمية مكث صلى الله عليه وسلم بعد الوحي مع اصحابه عشر سنين وامروا بالصبر على اذى الكفار فكانوا يصبحون يمسون خائفين ثم امروا بالهجرة إلى المدينة وامروا بالقتال وهم على خوفهم في المدينة لا يفارق احدا منهم سلاحه فقال رجل ما يأتي علينا يوم نأمن فيه ونضع السلاح فنزلت الآية فقال صلى الله عليه وسلم:
"ما بقي إِلا قليل حتى يجلس الرجل منكم في الملأ العظيم محتبيا ليس فيه حديدة"
قال المخالفون: عن الضحاك ان الذين آمنوا هم عمر وابو بكر وعثمان وعلي وان استخلافهم امامتهم العظمى وسيأتي قد مرّ أيضا ما يدل على بطلان دخول عثمان وعلي في ذلك ومفعول وعدد محذوف اي اعدهم للاستخلاف وليستخلفنهم جواب لمحذوف اي وعدهم الاستخلاف واقسم ليستخلفنهم أو جواب للوعد لتحققه في منزلة القسم فيجاب كالقسم.
{ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } من بني اسرائيل بعد هلاك الجبابرة بمصر والشام وغيرهما والمسلمين الذين من قبلهم مطلقا من بني اسرائيل وغيرهم ودخل في ذلك الانبياء وغيرهم اورثهم ارضهم واموالهم.
وقرأ ابو بكر استخلف بالبناء للمفعول فاذا ابتدأ ضم الهمزة ومن بناه للفاعل إذا أبدى كسرها * { وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ } يثبته لهم وينصرهم ويعملون به ظهورا * { الَّذِي ارْتَضَى } اختاره * { لَهُمْ } وقد اظهره والحمد لله وهو دين الاسلام على سائر الاديان ووسع لهم في البلاد وملكوها * { وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ } يعوضنهم.
وقرأ ابن كثير وابو بكر باسكان الباء وتخفيف الدال من الابدال والاول من التبديل * { مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ } من الكفار * { أَمْناً } ضد الخوف.
قال عدي بن حاتم
"بينما أَنا عند النبي صلى الله عليه وسلم اذ اتاه رجل فشكا إليه الفاقة اي (الفقر) ثم اتاه آخر فشكا إليه قطع السبيل فقال: يا عدي هل رأيت الحيرة؟ قلت: لم ارها ولقد انبئت عنها قال: فان طالت بك الحياة فلترين الظعينة أي المرأة في هودج ترحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف أحدا الا الله قلت في نفسي: فاين هؤلاء الذين قد اخذوا البلاد؟ قال: ولئن طالت بك حياة لترين الرجل يخرج ملء كفه من ذهب أو فضة يطلب من يقبله منه فلا يجد احدا يقبله منه وليلقين الله احدكم يوم القيامة وليس بينهما ترجمان يترجم له اي ترجمان من جنسه والا فهناك ملك يتكلم بما اراد الله" .
فكأنه قال ليس بين احدكم وبين ملك الله ترجمان كما كان النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا ترجمانا بين الملك والعباد أو ليس بين كلامه تعالى وبين احدكم ترجمان بل يخلق الله تعالى كلاما يسمعه بلا متكلم به فانه قادر على خلق الارض مستقلا بنفسه فليقولن:"ألم أبعث اليك رسولا فيبلغك" فيقول بلى يا رب فيقول: الم اعطك مالا وافضل عليك فيقول: بلى فينظر عن يمينه فلا يرى الا جهنم وينظر عن شماله فلا يرى الا جهنم.
قال عدي: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"اتقوا النار ولو بشق تمرة فمن لم يجد شق تمرة فكلمة طيبة"
قال عدي: فرأيت الظعينة ترحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف الا الله وكنت فيمن فتح كنوز كسرى ولئن طالت حياة لترون ما قال ابو القاسم يخرج ملء كف الرجل ذهبا ولا يؤخذ منه؛ ذكره أبو عبدالله محمد ابن اسماعيل.
وفي ايام ابي بكر وعمر وعثمان وعليّ بعدهم كانت الفتوح العظيمة وتمكن الدين لاهله.
(والاستخلاف) في الآية تملك المسلمين اموال الكفار وقد وقع ذلك في آيات دليل صحة نبوة النبي صلى الله عليه وسلم.
وعن سفانة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
"الخلافة ثلاثون سنة ثم تكون ملكا" .
قال القرطبي: تدور رحى الاسلام لخمس وثلاثين أو ست وثلاثين وسبع وثلاثين.
وكانت خلافة ابي بكر سنتين قيل وثلاثة اشهر وقيل سنتين وثلاثة اشهر وواحد وعشرين يوما وكانت خلافة عمر عشر سنين وستة اشهر.
قيل: وعشرة ايام.
وكانت خلافة عثمان اثنتي عشرة سنة.
وقيل: الا اربعة عشر يوما.
وكانت خلافة علي اربع سنين وتسعة اشهر.
وخلافة الحسن ستة اشهر ثم نزل عنها.
ورأيت في شرح مسلم الآتي ان خلافة عثمان اثنتا عشرة سنة الا عشرة ايام.
وقيل: الا ثمانية ايام والمراد بالسنة وذلك كله العام والذي يحفظ عن الجواهري العلامة ابي الفضل ان خلافة ابي بكر سنتان واربعة اشهر الا عشرة ايام وخلافة عمر عشر سنين وثلاثة اشهر وخلافة عثمان اثنتا عشرة سنة وخلافة علي سنتان وثمانية اشهر وتسعة عشر يوما.
وقيل: المراد في الآية الخوف من العذاب والامن منه في الآخرة.
{ يَعْبُدُونَنِي } مستأنف في حكم التعليل وهو لبيان مقتضى استخلافهم وامنهم او حال من (الذين) او من الضمير (هم) في (ليستخلفنهم) أو في (ليبدلنهم) وفي ذلك تقييد للوعد بالثبات على التوحيد وما يترتب عليه { لاَ يَشْرِكُون بِي شَيْئاً } الجملة حال من واو (يعبدونني) { وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ } الانعام منهم والانعام يحصل بانجاز الوعد وحصول الخلافة والمراد بالكفر كفر النعمة وهو المسمى عندنا كفر النفاق أو المراد كفر الشرك بالارتداد * { فَأُوْلَئِكَ هُمُ الفَاسِقَونَ } الكاملون في النفاق أو الشرك وقيل: من كفر بعد هذا الذي نزلت فاولئك هم الفاسقون فسق شرك.
واقول والله اعلم بغيبه: أن اول من كفر تلك النعمة وجحد حقها عثمان بن عفان جعله المسلمون على انفسهم واموالهم ودينهم فخانهم في كل ذلك زاد في مسجد رسول الله صل الله عليه وسلم ووسعه وابتاع من قوم وابى آخرون فغصبهم فصاحوا به فسيرهم للحبس وقال قد فعل بكم عمر هذا فلم تصيحوا به فكلمه فيهم عبدالله بن خالد بن اسيد فاطلقهم من السجن وقد جمع في ذلك غصب المال وقذف عمر رضي الله عنه وعزل سعد بن ابي وقاص عن الكوفة بلا حدث منه رضي الله عنه واستعمل اخاه لامه وهو الوليد بن عقبة ونزل
{ واتقوا فتنة } بحضرة ابي بكر وعمر رضي الله عنهما وعثمان وعلي فقال لعثمان بك تفتح وبك تنشب وقال لعلي: انت امامها وزمامها وقائدها تمشي فيها مشي البعير في قيده.
وقا: لضرس بعض الجلوس في نار جهنم اعظم من جبل احد وقال: يثور دخانها تحت قدمي رجل يزعم انه مني وليس مني الا ان اوليائي المتقون واول ما نقم المسلمون على عثمان انه لم ينفذ ما اوصاه به عمر في ابنه عبيدالله وقد قتل جفينه والهرمزان في السوق بخنجر وقد اسلما وحسن اسلامهما. وقيل: (جفينة) نصراني لامرهما ابا لؤلؤة بقتل ابيه فيما قيل فاوصى الستة الذين جعل الامامة شورى بينهم ومن ولي منكم فليكلف ابني عبيدالله البينة انهما امرا ابا لؤلؤة بقتلي فان لم يات بها فليقد بهما فجعل عثمان يعتل بعلل وعبيدالله يدعي بينة غائبة وعبيدالله هذا ولد في عهد رسول الله ولم يرو عنه؛ حدّه عمر في الخمر.
وقعد في مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنبر وكان ابو بكر نزل درجة وعمر درجتين وادخل عثمان الحكم ابن ابي العاص طريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولعينه المدينة وقد طرده صلى الله عليه وسلم إلى جزيرة تسمى دهلك لانه هجاه بسبعين بيتا من شعر فقال اللهم اني لا احسن الشعر فالعنه بكل بيت وقد كلم ابا بكر عثمان واناس من بني امية في ادخاله فقال قد ضللت إذاً وما انا من المهتدين.
ولما تولى عمر كلموه فاغلظ عليهم ولما تولى عثمان ادخله واعطاه مائة ألف درهم من فيء المسلمين واعطى مروان بن الحكم خمس المال المجلوب من افريقية حين فتحت واخاه الحارث بن الحكم مائة الف درهم من صدقة البحرين وعبدالله بن خالد بن اسيد بن ابيّ ستمائة ألف درهم من صدقة البصرة وارسل اليه أبو موسى الاشعري بمال عظيم من صدقة البصرة فقسمه بين اولاده واهله بالصحائف وحمى مواطن المطر من ارض البادية لاهله وخاصته وعزل عمال عمر بلا حدث وهم فقهاء من السابقين الاولين واستعمل السفهاء من أهل بيته وقرابته؛ استبدل بالصالح الطالح وبالعالم الجاهل استعمل الوليد بن عقبة اخاه لامه على الكوفة وهو طالح واستعمل عبدالله بن عامر على البصرة وهو ابن خاله وعبدالله بن سعد بن ابي سرح على مصر وهو اخوه من الرضاعة ويعلا بن امية على اليمن وهو حليف لبني امية وأسيد بن الاخنس ابن شريق الثقفي حليف بني زهرة وهو ابن عمة عثمان ولم يدع صالحا الا عزله واستعمل من يرجو طاعته ونصره.
عزل عمارا عن الكوفة وكان اميرا عليها وعلى الصلاة والقضاء وعزل عنها ابن مسعود وكان على بيت المال فيها وعزل عنها عثمان بن حبيب وكان على خراجها وارضها وصلى عثمان بالناس في منى اربع ركعات وكان صلى الله عليه وسلم والخليفتان بعده يصلون بها اثنتين وحرق المصاحف لما نسخا وحرم قراءة ابن مسعود وابيّ بن كعب وامر ان يقرأ الناس على حرف واحد ومن خالف مثل به.
وقد قال صلى الله عليه وسلم:
"من سره ان يقرأ القرآن غضا كيوم انزل فليقرأ قراءة ابن ام عبد" وهو ابن مسعود واستلف من مال الله مالا عظيما وابى ان يرده وكان الوليد المذكور تلعب السحرة بين يديه ويشرب الخمر ويصلي سكران بها وما اقام عليه حدا ولا عزله وقتل دينار أو أجمع المهاجرون والانصار أن يقيده عثمان فابى واستخلف على الكوفة بعد الوليد سعيد بن ابي العاص بن امية فعمل فيها مثل عمل الوليد لكن لم يظهر شرب الخمر لكن كلمه خيار الكوفة فعزله وجاءته إبل من الصدقة فوهبها لبعض بني الحكم فاخذها عبدالرحمن بن عوف فقسمها بين المسلمين وهو أول من اجترأ عليه ومنع الاعراب لها ليسقط اسهام من الغي.
وكان صلى الله عليه وسلم والخليفتان بعد دعائهم للجهاد اجتمعت الصحابة وفيهم عبدالرحمن قدموه وخلعوه وكتبوا إليه كتابا فجاءه به عمار فوصفهم عثمان بانهم اعداء الله وامر غلاما وطء بطن عمار ففتقه حين دخل عليه بالكتاب ودعا عليا ليعينه على ان له عيرا اولها بالمدينة وآخرها باليمن فقال علي: لقد اكثرت أو كان من مالك؟ فقال أو من مال قوم جالدوا عليه باسيافهم؟ وقال شيخ من أهل مكة لابي ذر: ما منزلة عثمان عندكم؟ فقال: اما لكم تستقون عليه الماء فقال اي والله لقد تركته في الدار فقال والله لعثمان شر من ذلك الحمار وكان عمار يقول فيه الحق ويعيبه وكان عثمان يكذبه وينسبه إلى الكذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والى طعن في دين الله وقال لعلي: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اخذك سارقا وما منعه عن قطع يدك الا قرابتك منه وهذا منه كذب على علي وعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ونسبه له إلى الميل في الحكم فقال فيه صلى الله عليه وسلم
"ان عثمان فرعون هذه الامة" وكذا قالت عائشة ونفى ابا ذر بلا وطاء على جمل.
وعن ابن مسعود ما يوزن لعثمان يوم القيامة ذباب فقال رجل ذباب فقال ولا جناح ذباب وعنه وددت انا وعثمان برمل عالج يحثو عليَّ واحثوا عليه حتى يموت الاعجل فقيل إذاً يغلبك فقال لا يعين الله كافراً على مؤمن ودخل صلى الله عليه وسلم بيتا فيه اثنا عشر رجلا منهم ابن مسعود وعثمان يذكرون الدجال فقال والذي نفسي بيده ان في البيت مما هو اضر على امتي من الدجال قال ابن مسعود ومضوا كلهم ولم يغتن واحد منهم الامة وبقيت انا وعثمان وامر عبدا له اسود غليظا طويلا اسمه زمعة فاخذ ابن مسعود اخذا عنيفا فضرب به الارض فدق اضلاعه وذلك في المسجد فزجرتهم عائشة فقال: اسكتي او لاملأنها عليك سودانا وكان ذلك سبب موت ابن مسعود وقال له: استغفر لي فقال: لئن كنت كما اقول فما ينفعك وحبس عطاءه خمس سنين في كل سنة خمس آلاف درهم.
وروي ان زمعة حمله فالقاه خارج المسجد فدق اضلاعه وروي انه حمله فقال له انشدك الله ان تخرجني من المسجد ولم أوصله الباب جعل يضرب الجدار بعجزه حتى كسر عصعصه وفلق انثييه وايضا دق اضلاعه.
وقال ابن مسعود في مرضه هذا بحضرة عثمان وصحابه انشدكم الله تعلمون ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مواضع ثلاثة
"اللهم إِني رضيت لإِمتي من رضي لها ابن أُم عبد وسخطت لها من سخط" فقالوا: اللهم نعم فقال عبدالله: اللهم لا ارضى لامتي خليل عثمان بن عفان قال ذلك مرارا وقال لعمار: أدفنتموه ولم تعلموني يا ابن السوداء؟ فقال له عمار: فانت ابن الهاوية فنزل إليه وجعل يضربه ويطأه وكتب لبعض بني معيط ليأخذوا من بيت المال ما شاء فدخل عليه ابيّ بن كعب فقال له: انت الذي تصك إلى بيت مال المسلمين يا ابن الهاوية يا ابن النار الحامية هلكت وأهلكت فقال له عثمان لولا انك شيخ وليس فيك موضع العقوبة لعاقبتك ومدح رجل عثمان فحثا العفر أي التراب في فيه.
ورفعت عائشة رضي الله عنها نعلي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقميصه فقالت هاتان نعلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا قميصه لم يبلين وقد بليت سنته ان فيكم فرعون او مثله تعني عثمان وهو يقول إنما هذه امرأة ورأيها رأي امرأة وعقلها عقل امرأة ورفعت ورقات من المصحف على عود من وراء حجابها وعثمان يخطب على المنبر فقالت يا غادر اقرأ ما في كتاب الله ان تصاحب تصاحب غادرا فقال لتنتهين او لادخلن عليك سود الرجال وحمرها فقالت لقد لعنك رسول الله صلى الله عليه وسلم وما استغفر لك ورفعت قميصه على جريدة فقالت يا نعثل هذا قميصه صلى الله عليه وسلم لم يبل حتى غيرت سنته ومر عثمان في المسجد فنادته عائشة يا فاجر يا غادر خنت امانتك وضعيت رعيتك وحلال دمك لولا الغواة الذين يمنعونك لذبحتك كالشاة فقال:
{ امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا } الآية. فقال رجل كذبت يا عثمان قال حذيفة والله ما يعدو عثمان ان يكون فاجرا في دينه اخرق في معيشته وقال وددت ان ما في كنانتي من سهم في بطنه وقذف رسول الله صلى الله عليه وسلم والخليفتين بعده إذ قال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤثر بني هاشم وابو بكر بني تميم وعمر بني عدي فوالله لاخصن بني امية على رغم الانوف فقال عمار: فانفي يرغم قال: ارغم الله انفك ونزل اليه فوطئه وغشي عليه وفتق بطنه وكان عبدالرحمن بن حنبل أشد الناس على عثمان يذكر جوره ويبرأ منه فضربه عثمان مائة سوط وحمله على بعير فطاف به المدينة وحبسه موثقا بالحديد ما زال عليّ يكلمه فيه حتى خلى سبيله وسيره إلى خيبر.
وفي علي قال:

نفسي فداء علي حين خلصني من كفر بعد اغلاظ على صفد

ونفى نفراً من الكوفة إلى الشام منهم الاشتر وثابت بن قيس الهمذاني وحميد بن زيادة وزيد وحنظلة وصعصعة ولدي صوحان وجندب بن زهير العامري وحبيب بن كعب الازدي وعروة بن الجعد وعمر بن الحمق الخزاعي وابن الكوا ولما شاعت خيانته فارسل إليه المسلمون ان يتوب فامر عماله بالتضييق في الرزق والعطايا ليرجع الناس إليه وقد عطل الحدود وارسل إليه المهاجرون والانصار تب او اعتزل او تقتل فانعم لهم بالاستقامة بعهود ومواثيق فلم يف بها فارسلوا إلى من بالثغور ان هلموا فقد ضيع دين محمد هنا فاجتمعوا فقتلوه وقد غدر بعد العهد وكتب إلى بعض عماله اقتل فلانا وفلانا وعاقب فلانا وفلانا بكذا وهم نفر من الصحابة وقوم من التابعين باحسان اطلع المسلمون على كتاب فيه ذلك على جمل مع غلام له فجاءوا بذلك كله إليه وفي الكتاب طابع خاتمه وكتب إلى معاوية بالشام وإلى أهل الشام ان ينصروه وجعل يتأهب للقتال واتخذ جندا عظيما من الحبشة والسودان بشراء وغيره.
وكانت عائشة ترفع كل جمعة سربال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول هذا سرباله لم يبل وقد بلي دينه وقالت ليته في غرازتي اقذفه في اليم.
قال محمد بن سلمة الانصاري: ما رأيت يوما اقر للعين ولا شابه بيوم بدر قط من يوم قتل عثمان قال حذيفة: قتل وهو كافر وكذا قال ابن مسعود واستغفر رجل لعثمان فحثاه عمار بالتراب فقال له اتستغفر له يا كافر واما علي بن ابي طالب فلقد قتل من المسلمين كثيرا وقتل رجالا مشهودا لهم بالجنة على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم حرقوص وعمار المشهود لهما بالجنة ولقاتلهما بالنار وعلي امر بقتل هؤلاء.
وعن الحسن لا يرى قاتلهم الجنة ومثل ذلك قالت عائشة واما معاوية فمتهتك مظهر لم يحتج ان يؤول ما ظهر من فسقه وقد لقنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وانما بسطت بعض مساوئ عثمان لقول الخازن وهو من الشافعية ان اول من جحد حق النعمة وفسق قتلة عثمان وانما ذكرت ذلك ليكون قذى في عينيه وفي عيني القاضي البيضاوي وغيرهما ويلهما اعتمدا على سراب وما ذكر به ثابت عندنا وعند من تكلم في هذا النوع من المخالفين كالنوبي والقرطبي والابي وغيرهم.
فائدة زعم الخازن عن غيره انه ما قتل نبي قط الا قتل به سبعون الفا ولا خليفة الا قتل به خمسة وثلاثون الفا.