خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَتَفَقَّدَ ٱلطَّيْرَ فَقَالَ مَالِيَ لاَ أَرَى ٱلْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ ٱلْغَآئِبِينَ
٢٠
-النمل

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ } نظر اليها ليرى احوالها ونظر اليها ليرى الهدهد الذي يرى الماء تحت التراب لاحتياجه الى الماء للصلاة وهو قول ابن سلام أو لما أحس بالشمس من موضع الطير تفقدها وهو قول فرقة.
{ فَقَالَ مَالِيَ } وفتح الياء ابن كثير وعاصم والكسائي وهشام.
{ لا أَرَى } حال من الياء.
{ الهُدْهُدَ } استفهم لم لم يرد ما لساتر مثلا أو لضعف في بصره ولما حقق النظر ظهر له انه لم يكن مع الطير فاضرب عن ذلك بقوله { أَمْ } أي بل.
{ أَمْ كَانَ مِنَ الغَائِبِينَ } فأم منقطعة لمجرد الاضراب الابطالي ويحتمل ان يكون عند قوله { أَمْ كَانَ مِنَ الغَائِبِينَ } غير متحقق غيبوبته فأم منقطعة للاضراب والاستفهام أي بل كان من الغائبين ويجوز ان يكون الاستفهام تعجبا لانه لا يغيب إلا بإذن سليمان فلما لم يبصره مكانه تعجب من حال نفسه في عدم ابصاره اياه روي أن نبي الله سليمان عليه السلام لما فرغ من بناء بيت المقدس عزم على الخروج إلى أرض الحرم وتجهيز للمسير واستصحب كل الجن والانس والطير والوحش وبلغ عسكره مائة فرسخ وكانت الجن يومئذ تظهر للانس يحجون ويعتمرون ويصلون جميعا ويرتب الناس في مسيره وجلوسه على قدر منازلهم في الدين ولما وافى الحرم أقام به ما شاء الله كل يوم ينحر خمسة آلاف ناقة ويذبح خمسة آلاف ثور وعشرين الف شاة ما أقام فيه وقرب وقضى المناسك وبشر أهله ومن حضر من الأشراف بخروج نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وانه سيد المرسلين وخاتم النبيين فليخبر الشاهد الغائب وسار الى اليمن من مكة صباحا فوافى صنعاء وقت الزوال وذلك مسيرة شهر فرأى ارضا حسناء تزهر خضرتها فأحب النزول بها ليصلي ويتغذى فطلب الماء فلم يجده وكان الهدهد دليله على الماء كان يرى ما تحت الأرض، كما يرى أحدكم كأسه بيده فينقر الأرض فيعرف موضع الماء وعمقه ثم تجيء الشياطين فيسلخونه كما يسلخ الجلد ويستخرجون الماء وذلك الهدهد سيد الهداهد وقد أعطيت الهداهد معرفة الماء ورؤيته في الأرض دون الطير وروى انه اذا نقر في الأرض عرف سليمان كم بينه وبين الماء. قال سعيد المسيب: ذكر ابن عباس ذلك فقال له نافع بن الأزرق يا وصاف انظر ما تقول ان الصبي منا يضع الفخ ويحثو عليه التراب فيجبي الهدهد وهو لا يبصر الفخ فيقع فيه فقال له ابن عباسرحمه الله : ويحك إذا جاء القدر حال دون البصر وفي رواية اذا نزل القضاء والقدر ذهب اللب وعمي البصر وبعد فان كلام ابن عباس انما هو في الماء انه يراه الهدهد لا في كل ما تحت الأرض وقد صدق قول ابن عباس قوله صلى الله عليه وسلم رواه انس:
" أنهاكم عن قتل الهدهد فانه كان دليل سليمان على قرب الماء من بعده وأحب أن يحمد الله في الارض " ووجه غيبة الهدهد انه رأى سليمان مشتغلا بالنزول فارتفع نحو السماء لينظر طول الدنيا وعرضها فنظر يمينا وشمالا فرأى بستانا لبلقيس فمال الى الخضرة فوقع فيه فإذا هو بهدهد آخر فهبط عليه وكان اسمه يعفور واسم الهدهد اليمن يعفير فقال يعفير اليمن ليعفور سليمان من أين أقبلت وأين تريد؟ قال أقبلت من الشام مع صاحبي سليمان بن داود ملك الجن والانس والشياطين والطير والوحش والرياح. قال له يعفور سليمان من أين انت؟ قال: من هذه البلاد وان لنا امرأة ملكت أهل اليمن وتحت يديها مائة الف قيل مع كل قيل مائة الف مقاتل والقيل هو القائد بلغة اهل اليمن وملك صاحبك عظيم ولكن ملكها عظيم أيضا فهل انت منطلق معي حتى تنظر الى ملكها؟ قال: أخاف أن يفقدني سليمان لوقت الصلاة اذا احتاج الى الماء. قال: الهدهد اليمني ان صاحبك يسره أن تأتيه بخبر هذه الملكة فانطلق معه ونظر الى بلقيس وملكها وما رجع الى سليمان إلا وقت العصر وطلب سليمان الماء في وقت الظهر وقد نزل على غير ماء فسأل الانس عن الماء فقالوا لا نعلم هنا ماء فسأل الجن والشياطين ولم يعلموا فتفقد عند ذلك الهدهد وتهدده وتوعده، قال ابن عباس في رواية عنه: وقعت الشمس على رأس سليمان فنظر فإذا هو موضع الهدهد فدعا عريف الطير وهو النسر فسأله عن الهدهد فقال أصلح الله الملك ما ادري اين هو وما أرسلته موضع فغضب عند ذلك سليمان عليه السلام فقال كما قال الله عنه:
{ لأعذبنه عذابا... }