خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ مَن شَآءَ ٱللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ
٨٧
-النمل

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ } يوم معطوف على يوم أو مستأنف مفعول لمحذوف وفي الصور نابت ينفخ والصور القرن والنافخ اسرافيل والمراد النفخة الاولى نفخة الصعق والثانية نفخة البعث وقال ابو هريرة: النفخات ثلاث نفخة الفزع وهي المراد في الآية ونخفة الصعق ونفخة البعث. ويجوز ان يراد بالنفخ في الصور التمثيل لانبعاثهم بانبعاث الجيش اذا نفخ لهم في البوق واستدل من قال بالنفختين فقط بقوله { { ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون } والأخرى انما يقال في الثانية وقال عياض الأصح القول بالثلاث والاخرى يقال في الثالثة ايضا كما قال ومنات الثالثة الاخرى ويأتي كلام في هذه الآية ان شاء الله وقد يقال لا دليل في قوله { ثم نفخ فيه أخرى } الخ.
ولو قيل ان الاخرى لا يقال في الثالثة لجواز ان يكون عبّر بالاخرى في الثالثة باعتبار انها ثانية والثانية اول لها.
{ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَٰوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ } اي ماتوا كذا قال بعض وقيل الفزع شدة الخوف.
{ إِلا مَن شَاءَ اللهُ } هم الشهداء متقلدي سيوفهم حول العرش احياء عند ربهم يرزقون لا يصلهم الفزع قاله ابو هريرة حديثا وابن عباس وقيل جبريل وميكائيل واسرافيل وعزرائيل يبقون بعد النفخة.
ويقول الله لعزرائيل خذ نفس اسرافيل فيأخذه فيقول الله سبحانه: من بقى؟ فيقول: أنت الباقي الدائم بقى جبرائيل وميكائيل وعزرائيل، فيقول: خذ نفس ميكائيل فيأخذها فيقع كالطود العظيم فيقول: من بقى؟ فيقول: سبحان ربي بقى جبرائيل وعزرائيل، فيقول: مت يا ملك الموت فيموت، فيقول: يا جبرائيل من بقى؟ فيقول: وجهك الباقي الدائم وجبريل الميت الفاني، يا جبريل لا بد من الموت. فيقع ساجدا يخفق بجناحيه وجسمه اضعاف ميكائيل، وقيل: يموت آخر الخلق عزرائيل يخر بين الجنة والنار ميتا. ويروى انه يؤمر بالسير بينهما فيسير فيموت ويروى انه يقول لو علمت شدة الموت لخففت عن المؤمنين ويروى انه يبقى مع الأربعة حملة العرش فتقبض روح جبريل ثم ميكائيل ثم اسرافيل ثم حملة العرش ثم عزرائيل فاذا لم يبق الا الله طوى السماء كطي السجل ويقول أنا الجبار لمن الملك اليوم فلا يجاب فيقول:
{ لله الواحد القهار } . وعنه صلى الله عليه وسلم: " يفنخ في الصور فيصعق من في السماوت والأرض الا من شاء الله ثم ينفخ فيه اخرى فأكون أول من رفع رأسه فاذا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش فلا ادري أكان ممن استثناه الله أم رفع رأسه قبلي ومن قال انا خير من يونس بن متى فقد كذب " وقيل: الذي استثنى الله هم رضوان والحور ومالك خازن النار وعن الضحاك الحور والخزنة والحملة وقيل موسى لانه صعق مرة وفي مختصر القناطر انه قرأ (الصور) بفتح الواو جمع صورة وينفخ فيها فتحيى بإذن الله وهو قول الحسن وقتادة وان الاكثر انه قرن يعني فيقرء بضم فاسكان ويدل لهذا قوله فيه (لا فيها) الا ان تكون الصور في القرن فيكون النفخ فيه نفخا فيها وان مجاهدا قال قرن كقرن الثور وانه قيل رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم وانه قال " والذي بعثني بالحق لعظم دوره كعرض السماء والأرض ينفخ فيها ثلاث نفخات ونفخة الفزع ونفخة الصعق ونفخة البعث " وفي رواية نفختان. وانه قيل: من شاء هم الأنبياء. وان مقاتلا قال: هم الملائكة وانه لما قال صلى الله عليه وسلم " "إِن أهل الجنة مائة وعشرون صفا ثمانون منها امتي ويدخل الجنة منها سبعون الفا بغير حساب قام عكاشة فقال: ادع ان يجعلني منهم، فقال (أَنت منهم) أو قال (اللهم اجعله منهم)، وقال آخر مثل ذلك فقال (سبقك بها عكاشة) " وان زلزلة الساعة قبل اشراطها وقيل الرجفة عند البعث وقال أبيّ: النفخة الأولى ينادي مناد من السماء الدينا: يا ايها الناس أتى أمر الله، فيسمعه جميع اهل الأرض فيفزعون فزعا شديدا وانه صلى الله عليه وسلم قال " من أراد ان ينظر الى القيامة رأي العين فليقرأ { إذا الشمس كورت } وان الآية في النفخة الأولى وان المستثنين من الفزع هم من ذكره " وان ابن عباس قال: هم الشهداء وان الثاني هي المشار اليه بقوله { { ونفخ في الصور فصعق } أي مات { من في السمٰوات ومن في الأرض إلا من شاء الله } قال كعب: جبريل وميكائيل واسرافيل وعزرائيل ثم يموتون. وقيل: الشهداء، وقيل: رضوان ومالك والزبانية والحور والولدان، ثم يقول للملائكة المستثنين: موتوا فيموتوا. وانه قال الحسن: نفختان الأولى أماتة كل حي والثانية أحيتهم. وعن الربيع بن انس: قسم الله الماء الذي كان عليه عرشه قبل ان يخلق الخلق نصفا تحت العرش وهو البحر المسجور ولا تنقص منه قطرة حتى ينفخ في الصور النفخة الأولى فينزل منه ماء كالنقطة فتنبت به الاجسام وتصفا تحت الأرض السفلى.
{ وَكُلٌّ أَتُوْهُ دَاخِرِينَ } ذليلين وآتوه اسم فاعل وقرأ حفص وحمزة (أتوه) بصيغة الماضي فلا الف بعد الهمزة والتاء مفتوحة وسكون الواو حي واسم الفاعل في القراءة الاولى مستعمل في الاستقبال وفي الماضي لتحقق الوقوع كأنه قد وقع احياء الخلق بعد موتهم كلهم ووقع الاتيان والماضي في الثانية كذلك مستعمل في المستقبل بمعنى المضارع أو في المضي تجوزاً في تنزيل غير الواقع منزلة الواقع وقريء (آتاه) على الافراد مراعاة للفظ كل ولا يخفى ان الاتيان المجيىء بالبعث ويجوز ان يراد رجوعهم الى امره وانقيادهم اليه وقريء (دخرين) باسقاط الالف وعن عكرمة: النفخة الاولى من الدنيا والاخرى من الآخرة وعن ابن عمر انه ينفخ ملكان في السماء الثانية رأس احدهما بالمشرق ورجلاه بالمغرب ورأس احدهما في بالمغرب ورجلاه بالمشرق وقيل ينادي اسرافيل من صخرة بيت المقدس.