خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَتَرَى ٱلْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ ٱلسَّحَابِ صُنْعَ ٱللَّهِ ٱلَّذِيۤ أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ
٨٨
مَن جَآءَ بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُمْ مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ
٨٩
-النمل

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَتَرَى الجبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً } تبصرها وقت النفخ تظنها واقفة مكانها لعظمها.
{ وَهَيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ } تسير سيرا مثل سير المطر اذا ضربته الريح حتى تقع على الأرض فتستوي بها مبسوسة ثم تصير كالعهن ثم تصير هباء منثورا فتصير الأرض كلها مستوية ويقال جمد الشيء أي سكن وروي ان الجبال تجتمع فتسير فاذا نظر اليها ناظر حسبها واقفة ثابتة في مكان واحد وهي تمر مرا حثيثا كما يمر السحاب وهكذا الاجرام المتكاثرة العدد اذا تحركت لا تتبين حركتها.
{ صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ } صنع مفعول مطلق مؤكد لمضمون الجملة قبله وعامله محذوف وجوبا وأضيف الفاعل ذلك العامل والأصل صنع الله ذلك صنعا والمضمون الجملة في يوم ينفخ في الصور تقدر هكذا أثاب الله المحسنين وعاقب المجرمين يوم ينفخ في الصور كان كذا وكذا وكذا فمعنى صنع الله أثابه والعقاب والاتقان أحكام الشيء فان مقابلة الحسنة بالحسنة والسيئة بالسيئة من جملة اتقان الأشياء واحكامها فانه عليم بأفعال العباد ومجازيهم عليها كما لخص ذلك بقوله:
{ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ، مَن جَاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا } الخ، وقرأ (يفعلون) بالتحتية ابن كثير وابو عمرو وهشام قيل: لا اله الا الله وقيل: الاخلاص في العمل وقيل: الحسنة كل طاعة قال الشيخ هود: الحسنة أشهد أن لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله وانما جاء به حق من الله وعمل صالحا وعمل جميع الفرائض، والأول قول ابن عباس ومراده من جاء بها غير منقوصة بانكار نبي أو موت على كبيرة وهو نفس كلام الشيخ هود. وعن علي ابن الحسين كنت في بعض خلواتي فرفعت صوتي بلا اله إلا الله فسمعت قائلا يقول: انها الكلمة التي قال الله فيها من جاء بالحسنة وخير منها هو الجنة وخير اسم تفضيل ومن تفضيلية ومعنى كونها خيرا من إلا الله مع انه لا شيء أفضل منه انها نعم لا تحصى ولا تنقضي وقولك لا اله إلا الله النطق به واعتقاده والعمل بمقتضاه غير صعب بالنسبة اليها عند التوفيق وقيل: الذي هو خير منها رضوان الله وهو أفضل من كل شيء قيل: جزاء الأعمال الجنة وجزاء الايمان رضوان لله وقيل: معنى قوله (خير منها) انه يضاعف لها الثواب لأن الحسنة بشعر فاكثروا معنى كونها خيرا منها ان الجنة تدوم والعمل لا يدوم واما عمل الله وهو الاثابة بالجنة خير من عمل العبد وقيل الخير ما يرغب فيه وليس اسم تفضيل فمن سببية متعلقة له او ما تعلق به وله وانما علقته بله لنيابته عما يجوز التعليق به ويجوز كونها ابتدائية اي يحصل له الخير من جهتها وهو قول عن ابن عباس { وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ } باضافة فزع ليوم وخفض اليوم بالاضافة وفتح اليوم فتح بتاء لاضافته لمبني وبتنوين فزع ونصب اليوم على الظرفية او فتحة للبناء فيعلق بآمنون قال ابن عمرو الداني: قرأ الكوفيون فزع بالتنوين والباقون بغير تنوين والكوفيون ونافع يومئذ بفتح الميم والباقون بكسرها. والمراد بالفزع الذي يأمنون منه الفزع الذي يصيب الشقاة من العذاب فلا ينافي
{ ففزع من في السمٰوات ومن في الأرض } فان الفزع الذي يصيب الانسان عند المشاهدة الأهوال فلا ينفك عنه احد والا من يتعدى بنفسه وبالجار وان قلت ما هذا الفزع الواحد في قراءة التنوين؟ قلت فزع خاص بمن هو شقي وهو فزع مفرط لا يوصف وقيل: خوف النار لعلمهم لانهم سعداء وربما أصابهم خوف لنسيان ذلك.