خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا ٱلأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلاَ عُدْوَانَ عَلَيَّ وَٱللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ
٢٨
-القصص

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ } لا يخرج احدنا عنه.
{ أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ } أي شرطية مفعول لقضيت وما صلة لتأكيد ابهام اي والاجلين مضاف اليه والمراد بها ثماني سنين وعشر وقريء (أيما) باسكان الياء وقرأ ابن مسعود (أي الأجلين ما قضيت) بالتشديد واسقاط ما بعد أي واثباتها قبل قضيت تأكيدا للقضاء أي: الأجلين صممت على قضائه وجردت عزيمتي له والقضاء الوفاء.
{ فَلا عُدْوَانَ } وقرأ ابن قتيبة بكسر العين.
{ عَلَيَّ } أي لا تتعدى عليَّ بطلب الزيادة عليه كما لا أطالب بالزيادة على العشر لا اطالب بالزيادة على الثمان وعلق العدوان بهما جميعا لانه ان طولب بالزيادة على العشر كان عدوانا بلا شك فكذلك ان طولب بالزيادة على الثمان وأراد تقرير أمر الخيار والمعنى لا اكون معتديا بترك الزيادة عليه كقولك ان فعلت كذا فلا اثم عليَّ ولا تباعة.
{ وَاللهُ عَلَى مَا نَقُولُ } أنا وأنت.
{ وَكِيلٌ } أي حفيظ أو شهيد ولكونه قيل بمعنى شهيد عدي بعلى واصله التعدي بالى يقال وكل اليه الأمر يكله قال سعيد بن جبير سألني يهودي من أهل الحيرة اي الأجلين قضى موسى؟ فقلت لا ادري حتى أقدم على حبر العرب فأسأله فقدمت فسألت ابن عباس فقال قضى اكثرهما وأطيبهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا قال فعل وقال صلى الله عليه وسلم لأبي ذر:
" إِذا سئلت أي الأجلين قضى موسى فقل خيرهما وإِذا سئلت أي المرأتين تزوج فقل الصغرى منهما فتزوج صغراهما وقضى أوفاهما " ، وقال وهب: أنكحه الكبرى وروى شداد بن أوس بكى شعيب حتى عمي فرد الله عليه بصره وقال له (ما هذا البكاء أشوقا الى الجنة أم خوفا من النار فقال لا يا رب لكن شوقا الى لقائك فقال له هنيئا لك لذلك أخدمتك موسى كليمي) ولما تم الخطاب بينهما انكحه بنته وعيّنها وعيّن الصداق وهو الرعاية او غيرها فأمرها ان تعطيه عصا يدفع بها السباع عن غنمه وكانت عصا الأنبياء عند شعيب فوقع في يدها عصا آدم حملها معه آدم من الجنة وهي من اس الجنة فأخذها موسى بعلم شعيب وكانت الأنبياء تتوارثها قبل وكانت لا يأخذها غير نبي إلا أكلته وروي ان شعيبا قال له بالليل ادخل ذلك البيت فخذ عصا من تلك العصي فأخذها فمسها شعيب وكان مكفوفا فظن بها فقال خذ غيرها فردها ليأخذ غيرها فما وقع في يده الا هي سبع مرات فعلم ان له شأنا وقيل اخذها جبريل بعد موت آدم فكانت معه حتى لقي بها موسى وقيل أودعها شعيبا ملك في صورة رجل وأمر بنته ان تأتيه بعصا فأتته بها فردها سبع مرات لم يقع في يدها غيرها فدفعها اليه ثم ندم لانها وديعة فتبعه واختصما فيها ورضيا ان يحكم بينهما اول طالع فأتاهما الملك فقال القياها فمن رفعها فهي له فعالجها شعيب فلم يطقها فرفعها موسى. وعن الحسن ما كانت الا عصا من الشجر اعترضها اعتراضا وعن الكلبي الشجرة التي نودي منها موسى شجرة العوسج ومنها كانت عصاه فأما ان تكون قطعت منها قبل السير بأهله او بعده وقيل هي مما يكون وسطه ورق الريحان وقيل غصن من الخبيزي ولما اصبح قال له شعيب اذا بلغت مفرق الطريق فلا تأخذ على يمينك فان الكلأ وان كان بها اكثر فان فيها تنينا اخشاه عليك وعلى الغنم واخذت الغنم ذات اليمين فأجهد في ردها ولم يستطعها فمشى على أثرها فاذا عشب وريف لم ير مثله فنام فاذا بالتنين قد أقبل فحاربته العصا حتى قتلته وعادت الى جنب موسى وفيها دم ولما استيقض أبصرها دامية والتنين مقتول ارتاح لذلك وعلم ان لها شأنا وولدت ابنة شعيب أولادا وكان شعيب يزوره كل سنة فاذا قعد للأكل عند موسى قام موسى على رأسه كالخادم ويكسر له الخبز ويلقيه بين يديه ويقول له كل والله ما نعرف غيره وعن مقاتل كان جبريل هو الذي دفع العصا لموسى وهو متوجه الى مدين بالليل قال كعب لما قدم عبدالله بن عمرو بن العاص قال قوم سلوه عن ثلاث فان اخبركم فعالم عن شيء من الجنة وضعه الله للناس في الأرض وعن أول موضع في الأرض وعن أول شجرة في الأرض فأجاب ان الأول الحجر الأسود والثاني قبر هود والثالث العوسجة التي قطعت منها عصا موسى ولما بلغ ذلك كعبا قال صدق وقيل اول موضع في الأرض موضع الكعبة وكتب صاحب الروم الى معاوية يسأله عن اربعة أشياء لم تركض في رحم ولما قرأ معاوية الكتاب قال أخزاه الله وما علمي بما ها هنا فقيل اكتب الى ابن عباس فاسأله عنه فكتب اليه فأجاب بأذن ذلك آدم وحواء وكبش ابراهيم وعصا موسى انه تصير ثعبانا. وفي عرائس القرآن قال اكثر العلماء كانت عصا موسى من اس الجنة وطولها عشرة أذرع على طول موسى حملها من الجنة معه الى الأرض قال سعيد بن جبير اسمها ماشا وقال مقاتل اسمها نفقة وقال بن حيان اسمها غياث وقال آخرون اسمها عليق انتهى وهنا رجع موسى من وادي التنين الى شعيب مس الغنم فأخبره موسى ففرح وعلم ان لموسى والعصا شأنا وقال له اني وهبت لك من نتاج غنمي هذا العام كل ادرع ودرعاء فأوحى الله الى موسى في المنام ان اضرب بعصاك مستقى الغنم ففعل فسقى الغنم منه فما أخطأت واحدة الا وضعت ادرع ودرعاء فوفّى له شرطه وقيل اراد شعيب بعد ما قضى الأجل موسى ان يجازيه على حسن رعيته اكراما له وصلة لابنته فقال اني وهبت لك من اولاد غنمي كل ابلق وبلقاء في هذه السنة فأوحى الله في المنام الى موسى ان اضرب بعصاك الماء ثم اسق الأغنام منه ففعل فما اخطأت واحدة الا وضعت ما بين ابلق وبلقاء فعلم شعيب ان هذا رزق رزقه الله موسى وامرأته وقيل لما قضى الأجل سلم شعيب اليه ابنته فقال لها موسى اطلبي من ابيك ان يجعل لنا بعض الغنم فطلبت فقال لكما ما ولدت الغنم على غير شبهها فأوحى الله الى موسى اذا ملأت الحياض قربتها لتشرب فألق عصاك في الحياض ففعل ووضعت كل واحدة غير شبهها.