خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ
١٦٨
-آل عمران

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ الَّذِينَ }: بدل من الذين الذى قبله، قيل: أو نعت له، بناء على جواز نعت الوصف، فإن الذين بمنزلة الوصف، أو بدل من ضمير أفواههم أو من ضمير قلوبهم، كقوله:

على حالة او أن فى القوم حاتما على جوده ما ضن بالمال حاتم

بجر حاتم آخر البيت، لأن القوافى مجرورة، وهو بدل من هاء جوده، أو بدل من واو { يكتمون }، أو خبراً لمحذوف، أو مفعول لمحذوف، على الذنب: أى هم الذين، أو أعنى: الذين.
{ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا }: اللام فى { لإخوانهم } ليست لام التبليغ التى تأتى بعد القول لتوصله، بل للظرفية المجازية، أى فى شأن إخوانهم، أو للتعليل أى: لأجل إخوانهم بدليل الغيبة فى "أطاعوا" و "ما قتلوا"، والمراد بإخوانهم الذين قتلوا يوم أحد، وسموا إخواناً لهم مع أنهم منافقون، والمقتولون شهداء مخلصون، لأنهم أقاربهم فى النسب إذ هم كلهم بنو قيلة، أو لأنهم فى بلد واحد وهو المدينة، أو لأنهم فى الظاهر على دين الإسلام كلهم، ويقولون لا إله إلا الله محمد رسول الله، أو لأنهم كلهم فى مقابلة مشركى قريش، أو ذلك كله. وقيل إن عبد الله بن أبى لم يرجع بالمنافقين كلهم، بل بقى بعضهم، فمات فى أحد بعض من بقى منهم، فمن مات منهم المراد بالإخوان، فهم إخوان للمنافقين فى النفاق، وذلك أن القائلين لإخوانهم ذلك هو عبد الله بن أبى، وأصحابه، والواو فى قوله: { وقعدوا } عاطفة على { قالوا }، أو حالية بلا تقدير أو بتقدير قد، وصاحب الحال واو قالوا، والربط بالواو والضمير أو صاحب الحال إخوان، والربط بواو الحال، ومعنى قعدوا: تخلفوا عن القتال، وذلك أن المقاتل لا يقعد عن موضع القتال، بل يمشى إليه وجملة { لو أطاعونا ما قتلوا } مفعول القول، أى: لو أطاعنا فى قولنا لا تخرجوا من المدينة أو فى قولنا لهم بعد الخروج ارجعوا، ما قتلوا فى ذلك القتال فى أحد، كما لم تقتل ولو خرجنا إذ رجعنا، وقرأ هشام: { ما قتلوا } بتشديد التاء للمبالغة.
{ قُلْ } يا محمد لهم.
{ فَادْرَءُوا } ادفعوا.
{ عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ }: إذا أتاكم.
{ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ }: فى أن الحذر عن أسباب الموت، يدفع القدر كلا فإن القدر لا يدفع وإنما ينفع السبب، إذا قدر الله نفعه، وما نفعه إلا لأنه الله لم يقض الموت، ومحال أن لا يتسبب الإنسان إن قضى الله أن يتسبب، ومحال أن لا يؤثر لو قد قضى الله أن يؤثر، ومحال أن يتسبب وقد قضى الله أن لا يتسبب، ومحال أن يؤثر، وقد قضى الله أن يتسبب ولا يؤثر، ومحال أن يموت بالقتال، من قضى أن يموت بغيره، ومحال أن يموت بغير القتال، وقد قضى أن يموت بالقتال، فقد يقضى الله أن يقعد عن القتال فيموت بنحو عقرب أو مرض، وقد روى غريباً أنه مات يوم قالوا هذا المقال سبعون رجلا منافقاً، ولو أراد الله حضوركم لحضرتم القتال، وسلمتم حتى تموتوا بغير هذا القتال، وما يدريكم أن سبب حياتكم عدم حضور القتال؟.