خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّىٰ يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ ٱلنَّارُ قُلْ قَدْ جَآءَكُمْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِي بِٱلْبَيِّنَاتِ وَبِٱلَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
١٨٣
-آل عمران

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا }: أوحى أو أوصى.
{ أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ } ما يتقرب به إلى الله من المال، وقد يطلق على كل عبادة كحليف الصوم جنة، والصلاة قربان، ولعلها شبهت بقربان المال. وقرئ بقربان بضم القاف والراء.
{ تَأْكُلُهُ النَّارُ }: نعت للذين قالوا:
{ { إِن الله فقير ونحن أغنياء } أو بدل منه، أو نعت للعبيد، أو بدله أو معمول لمحذوف، أى: هم الذين أو ذم الذين، وأعنى: الذين وإذا جعلناه نعتاً للعبيد، أو بدل، فالعبيد من وضع الظاهر موضع المضمر، أى بظلام لهم، والظاهر فوصف أو أبدل منه، وعلى سائر الأوجه يحتمل ذلك، ويحتمل تعميم العبيد، والقائلون لذلك فى قول الكلبى كعب بن الأشرف ومالك بن الصيف، ووهب بن يهوذا، وزيد بن ثابوت، وفنحاص بن عازوراء، وحيى بن أخطب، أرادوا بذلك دفع رسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، بأنه لو كان رسولا لأتانا بقربان تأكله النار، كما عهد الله إلينا الوحى فى التوراة، أن لا نؤمن لرسول حتى يأتى بشىء يتقرب به إلى الله، كناقة أو شاة أو طعام أو غير ذلك ويقوم ويدعو الله فتنزل نار سماوية فتأكله، كما كانت أنبياء بنى إسرائيل، وهذا كذب منهم على الله، إذ زعموا أنه فى التوراة مشروط لثبوت الرسالة ألا ترى أنه ليست معجزة موسى ذلك، وكذا أنبياء بنى إسرائيل ليس ذلك معجزة إلا لبعضهم بل كانت بنو إسرائيل يذبحون مطلقاً لله ويضعون القرابين فى بيت غير مسقوف، وقيل: أطايب اللحم منها والتروب، وكذا يضعون الغنائم وكانت تحل لهم، فيقوم فيه النبى يدعو الله عز وجل وهم واقفون خارجاً حول البيت فتنزل نار بيضاء لها دوى حين تنزل ولا دخان لها فتأكل القرابين، فلا توجد، أو ترفعها أو تحرقها، فيكون ذلك علامة القبول، ولا بقيت على حالها، وإنما ذلك معجرة للنبى، الآتى بها من سائر المعجزات، والمعجزات سواء فى ذلك، فقال السدى: هذا الشرط فى التوراة، ونسخ بالمسيح عليه السلام، وقيل: إن فى التوراة ذلك الشرط مع استثناء المسيح ومحمد عليهما الصلاة والسلام منه وأنهما رسولان بدون ذلك، وعدى يؤمن باللام لتضمن معنى تدعن أو هى بمعنى الياء، ومرة غير ذلك.
{ قُلْ قَدْ جَآءَكُمْ رُسُلٌ مِّنْ قَبْلِى بِالْبَيِّنَاتِ }: المعجزات الظاهرة.
{ وَبِالَّذِى قُلْتُمْ }: من قربان تأكله النار، كزكرياء ويحيى وعيسى والسبعين الذين قتلتموهم فى يوم واحد.
{ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }: فى دعواكم أنكم إن أتيت بقربان أمنتم بى وعيسى، لم يقتلوه لكن قصدوا قتله، وعملوا فى القتل حتى قتلوا شبهة، وليس الذين فى زمان رسول الله، صلى الله عليه وسلم قاتلين للأنبياء إلا برضاهم عن آبائهم القاتلين، وتصويبهم، وبسعيهم فى قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمعنى: أن كفرهم بك يا محمد، وبمن كفروا به ليس لعدم المعجزة، ولا لجهلهم بنبوتكم ورسالتكم، ولكن لحسدهم وكبرهم، فلو جئت بكل معجزة طلبوها ما آمنوا بك، كما قتلوا أنبياء مرسلين إليهم بمعجزات ظاهرة.