خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
٢٠٠
-آل عمران

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ }: على أمتثال الفرائض واجتناب المعاصى، وعلى المصائب.
{ وَصَابِرُواْ }: أعداءكم فى الدين، أى اجتهدوا أن تكونوا أصبر منهم فى الجهاد، ولا تكونوا مثلهم، ولا أقل، لأنكم ترجون رضى الله، أو صابروا الشيطان والهوى، والوسوسة والنفس، لأنه يأتى بمجهوده فى الإغواء، وذلك من عطف الخاص على العام، لأن الصابرة لهن أقوى. وقيل: صابروا وعد الله فى النصر، أى لا تسأموا وانتظروا الفرج، قال صلى الله عليه وسلم
"وانتظار الفرج بالصبر عبادة" قاله محمد بن كعب القرظى، وذلك لأن النصر لما كان يكون بعد حين، كان لمشقة بعده، كأن مفاعل لهم، وقيل: اصبروا على تلاوة القرآن، وقيل: اصبروا على الجهاد، وصابروا عليه، وقال الكلبى: اصبروا على البلاء، والمصابرة: تحملك المكاره التى بينك وبين غيرك، والصبر: ترك الشكوى وقبول القضاء وصدق الرضى.
{ وَرَابِطُواْ }: أبدانكم وخيولكم فى ثغور العدو مترصدين للغزو، وأنفسكم على الطاعة. قال الله تعالى:
{ ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم } وعن النبى صلى الله عليه وسلم: "من رابط يوماً وليلة فى سبيل الله كان كعدل صيام شهر رمضان وقيامه، لا يفطر ولا ينتفل عن صلاته إلا لحاجة" . وقال الكلبى: صابروا عدوكم ورابطوهم. وعليه الجمهور. أى رابطوا الجبل للغزو، واجتهدوا حتى تكونوا أكثر منهم خيلا، قال سلمان: سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول "رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذى كان يعمله وأجرى عليه رزقه وأمن الفتَّان وهو ملك القبر" . وعن فضالة بن عبيد: سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول: "كل ميت يختم على عمله إلا الذى مات مرابطاً فى سبيل الله فإنه ينمو عمله إلى يوم القيامة، ويأمن فتنة القبر" . وفى رواية "ويؤمن من فتانى القبر" ، وعنه صلى الله عليه وسلم "من مات مرابطاً فى سبيل الله أجرى الله أجر عمله الصالح الذى كان يعمل وأجرى عليه رزقه، ويؤمن الفتان، ويبعثه الله آمناً من الفزع" . وعنه صلى الله عليه وسلم "رباط يوم فى سبيل الله خير من الدنيا وما فيها" ، وعن أبى بن كعب عن النبى صلى الله عليه وسلم "لرباط يوم فى سبيل الله من وارى عورة المسلمين محتسباً من غير شهر رمضان، أعظم أجراً من عبادة مائة سنة، صيامها وقيامها، ورباط يوم فى رمضان أفضل عند الله وأعظم أجراً من عبادة من عبادة ألفى سنة، صيامها، وقيامها" والرباط ملازمة الثغر فى سبيل الله، وأصلها من ربط الفرس اتخذه ثم سمى كل ملازم لثغر للجهاد مرابطاً، ولو لم يكن معه فرس ولا له مال، رباط: فعال لغير المفاعلة، أى اربطوا الخيل، أى اتخذوها للجهاد، فهو لموافقة المجرد، وقيل: للمفاعلة - كما مر - فى قول إن معناه: رابطوا الكفار، أى: كونوا أكثر خيلا منهم للجهاد فى سبيل الله تعالى، وقال أبو حيان: معناه دوموا واثبتوا، كما مر مثله آنفاً. وقال ابن سلمة ابن عبد الرحمن: لا عدو يرابط حين نزلت، ولكنها نزلت فى انتظار الصلاة بعد الصلاة، ويدل له قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات قالوا: بلى يا رسول الله. قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط" . رواه أبو هريرة وهو فى مسلم.
{ وَاتَّقُواْ اللَّهَ }: خافوا عقابه أو احذروا عقابه، أو احذروا معاصيه، أو تبرأوا من سواه.
{ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون }: تفوزون بخير الدنيا والآخرة، أى كى تفلحوا أو ارجوا الفلاح اللهم أنت العالم بذات الصدور.