خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ ٱللَّهِ ذَلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ
٣٠
-الروم

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ فَأَقِمْ وَجْهَكَ } يا محمد.
{ لِلدِّينِ حَنِيفاً } مائلا اليه اي اخلص دينك لله انت ومن تبعك وقيل سدد عملك وحنيفا حال من ضمير اقم او كاف وجهك او من الدين وعلى الأولين فكأنه قيل غير ملتفت عن الدين بكسر الفاء وعلى الثالث فكأنه قيل غير ملتفت عنه بفتح الفاء واقامة الوجه تمثيل للاقبال على الدين والاستقامة عليه والاهتمام بأسبابه فان من اهتم بشيء أدام اليه النظر واقبل عليه بوجهه وكان التمثيل بإقامة الوجه لانه اشرف فانه جامع الحواس.
{ فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا } الفطرة الخلقة وهو مصدر مسوغ للهيئة كالخيفة وهو مفعول لمحذوف اي الزم او الزموا وقدر بعضهم عليك بناء على جواز اعمال اسم الفعل محذوفا واجيز ان يكون مفعولا مطلقا لمحذوف دل عليه فطر الناس عليها والاصل فطر الله فطرة ولما حذف العامل واضيف المصدر للفاعل صح ان يوصف بالتي لكونه معرفة بالاضافة وتلك الفطرة التي فطر الناس عليها هي قبول الحق والتمكن من ادراكه او ملة الاسلام وقيل العهد المأخوذ عنهم اذ كانوا في ظهر ادم
{ الست بربكم قالوا بلى } فلو خلّوا وما فطرهم الله عليه لكانوا على الحق والاسلام وممن قال ان الفطرة ملة الاسلام ابن عباس قال الكلبي هو العهد المأخوذ عنهم قال: اول ما خلق الله القلم فجرى بما هو كائن الى يوم القيامة فأعمال العباد تعرض في الخميس والاثنين فيجدونها على ما في اللوح ثم خرجت الذرية من ظهر ادم كالذر فأخذ عليها الميثاق ورجعت فمنهم الوافي ومنهم الناقص وهو الشقي وولد المؤمن من ملوك الجنة ولا يأتي والده من باب من ابواب الجنة الا وجده فيه وقد كفى مؤنته في الدنيا بالموت ذكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل مات ابنه فقعد في البيت ففقده وذكره وبلغ الى الرجل انه ذكره فأتاه. وولد المشرك والمنافق في الوقوف وقيل في الولاية ويكون خادما لاهل الجنة لانه لم يعمل ولم يكفر وسئل صلى الله عليه وسلم من في الجنة فقال " النبيون عليهم السلام والمولود والشهيد والموءودة " وكذا المجنون من الطفولية والمولود الذي لا يسمع اصلا وزعم الحسن ان اهل الفترة ومن ادرك الاسلام هرما ومن ولن لا يسمع ومن يتخبطه الشيطان قيل واطفال المشركين والمنافقين توقد لهم نارا فينجوا مقتحمها ويهلك من ابى وذلك يوم القيامة وهو باطل وفي الحديث " كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون ابواه ينصرانه او يهودانه او يمجسانه " فلو تركوا لما اختاروا غير الاسلام لكونه مجاوبا للعقل مساويا للنظر الصحيح قال صلى الله عليه وسلم عن الله سبحانه " كل عبادي خلقت حنفاء فاختالتهم الشياطين عن دينهم وامروهم ان يشركوا بي غيري " وعن ابي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما من مولود الا يولد على الفطرة " وتلا { فِطْرَتَ الله الَّتِي فَطَرَ النَّاس عَلَيْهَا } وحكي عن عبدالله بن المبارك ان معنى الحديث ان كل مولود يولد على خلقته التي خلق عليها في علم الله من السعادة والشقاوة ومن امارات شقاوة الطفل ان يولد بين يهوديين او نصرانيين يحملانه لشقائه على معتقدهما.
{ لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ } وهو دينه اي لا تبدلوه بالاشراك فاللفظ اخبار والمعنى طلب او لا يقدر احد ان يغيره او لا يحسن ان يغيره وقيل لا يرد السعيد شقيا ولا الشقي سعيدا او لا يصرف الكافر من كفره ولا المؤمن عن ايمانه اذا سبق علم الله انه يموت كذلك وقيل نزل ذلك في اخصاء البهائم.
{ ذَلِكَ } الدين المأمور بإقامة الوجه له او المذكور من الفطرة التي هي ملة الاسلام.
{ الدِّينُ القَيِّمُ } المستقيم وفيه مبالغة لم تكن في قائم.
{ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ } المراد اكثر الناس مطلقا او كفار مكة لا يعلمون توحيد الله او لا يعلمون استقامة دين الله جل وعلا او ليسوا من اهل العلم والتدبر.