خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَٱغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ ٱلأَصْوَاتِ لَصَوْتُ ٱلْحَمِيرِ
١٩
-لقمان

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَاقْصِدْ فِى مَشْيِكَ } توسط فيه لا تجعله دبيبا ولا اسراعا قال صلى الله عليه وسلم: " "سرعة المشي تذهب بها المؤمن " ، وفي رواية (بهاء الوجه) واما قول عائشة في النبي صلى الله عليه وسلم او في عمر رضي الله عنه: كان اذا مشى أسرع، فانما ارادت بذلك السرعة المرتفعة عن الدبيب المتوسطة المصحوبة بالسكينة والوقار وقرىء بفتح الهمزة وقطعها وكسر الصاد من قولك اقصد زيد بمعنى سدد واقصد الرامي اذا سدد سهمه نحو الرمية وقصد يقصد بفتح عين الماضي وكسر عين المضارع سواء كان بمعنى التوسط كما في الآية او بمعنى التوجه الى الشيء والقصد اليه كما نص عليه في المصباح والقاموس.
{ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ } اي خفض منه وانقص منه يقال غض زيد من عمرو اذا قصر به ووضع منه ونقصه ففي غض الصوت توقير المتكلم وبسط لنفس السامع وفهم.
{ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الحَمِيرِ } أي إن اوحشها وأقبحها عندك وعند امثالك من الناس لصوت الحمير أوله زفير وآخره شهيق وهما لاهل النار فكيف تغلظ صوتك وتجهر به حتى يضاهي صوت الحمير والجملة تعليل للأمر بالغض او ذلك مبالغة شديدة في ذم رفع الصوت وتهجينه وافراط في التثبيط عنه والترغيب عنه وتنبيه على انه من كراهة الله بمكان فوق ما تكرهه يا انسان من صوت الحمير حيث شبه الرافعين اصواتهم بالحمير ومثل اوصواتهم بالنهيق واخلى الكلام من لفظ التشبيه واخرج ذلك مخرج الاستعارة فكأنه قيل ان انكر الاصوات وأبغضها عند الله لصوت هؤلاء الذين صوتهم في الاعلان كصوت الحمير والحمار مثل في الذم البليغ عند الناس وكذا نهاقه ومن استفحاش الناس له الكناية عنه بطويل الاذنين، وقد عد من مساويء الادب ذكره في مجلس أولى المروءة ومن العرب من لا يركبه استكبارا وان بلغ الجهد، وانما افرد صوت الحمير لانه لم يرد ذكر صوت كل واحد من احاد هذا الجنس بل اراد ان لكل حيوان صوتا وان انكر اصوات الحيوان كله صوت هذا الجنس او لان اضافته للاستغراق فمعناه اصوات الحمير او لانه في الاصل مصدر ومعناه تحريك اللسان والمخارج مثلا ثم اطلق على الالفاظ المسوعة مثلا وفي الحديث:
" إِذا سمعتم نهيق الحمير فتعوذوا بالله من الشيطان الرجيم فانها رأت شيطانا " .
وقال سفيان الثوري صياح كل شيء تسبيح إلا صياح الحمير. وعن ابي هريرة قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إِذا سمعتم الديكة فاسألوا الله من فضله فإِنها رأت ملكا وإِذا سمعتم نهيق الحمير فتعوذوا بالله من الشيطان الرجيم فانها رأت شيطانا " ، وفي رواية: " إِذا سمعتم الديكة تصيح بالليل " .
وعن جابر بن عبدالله قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إِذا سمعتم نباح الكلب أَو نهيق الحمار من الليل فتعوذوا بالله من الشيطان الرجيم فانها ترى مالا ترون وأقلوا الخروج في الليل فان الله يبعث في ليله من خلقه ما يشاء " . وقيل ان الآية في العطسة القبيحة المنكرة وعن وهب: تكلم لقمان باثني عشر بابا من الحكمة ادخلها الناس في كلامهم وقضاياهم.
قال مالك قال لقمان لابنه: يا بني ان الناس قد تطاول عليهم ما يوعدون وهم الى الآخرة سراعا يذهبون وانك قد استدبرت الدنيا مذ كنت واستقبلت الآخرة مع انفاسك وان دارا تسير اليها اقرب من دار تخرج عنها. وعن سفيان الثوري قال لقمان لابنه: يا بني ان الدنيا بحر عميق غرق فيه ناس كثير فلتكن فيه سفينتك تقوى الله وليكن حشوها ايمانا بالله وشراعها توكلا على الله لعلك تنجو وما اظنك ناجيا، يا بني خذ من الدنيا بلغة ولا تدخل فيها دخولا يضر بآخرتك ولا تفرضها تكن عيالا على الناس وصم صياما يقطع شهوتك ولا تصم صياما يمنعك عن الصلاة فان الصلاة عند الله اعظم من الصيام يا بني لا تتعلم العلم لتباهي به العلماء ولتماري به السفهاء ولا تترك العلم زهادة فيه ورغبة في الجهالة يا بني اختر المجالس على عزلتك فان رأيت قوما يذكرون الله فاجلس اليهم فان كنت عالما ينفعك علمك ويزيدوك علما وان كنت جاهلا يعلموك ولعل الله يطالعهم برحمته فتعمك معهم يا بني لا تجادل فاجرا كما انه ليس بين الذئب والشاة خلة ومن يحب المراء يشتم ومن يدخل مداخل السوء يتهم ومن يقارن قرين السوء لا يسلم ومن لا يملك لسانه يندم يا بني كن عبدا للاخيار ولا تكن ولدا للاشرار يا بني كن امينا غنيا يا بني جالس العلماء وزاحمهم بركبتك ولا تجادلهم فيمنعوك علمهم والطف بهم في السؤال يا بني لا تطلب من الأمور مدبرا ولا ترفض منها مقبلا فان ذلك يقل الرأي ويزري بالعقل يا بني ان تأدبت صغيرا انتفعت كبيرا يا بني ان سافرت فلا تتأمر على دابتك فان ذلك سريع من دبرها وليس ذلك من فعل الحكمة واذا قربت من المنزل فانزل عن دابتك وابدأ بعقلها قبل نصيبك فانها نفسك واياك والسفر او الليل وعليك بالتغليس والادلاج من نصف الليل الى آخره وسافر بسيفك وخفك وعمامتك وكسائك وسقائك وابرتك وخيوطك ومخزرك وتزود معك الادوية تنتفع انت ومن معك وكن لا صحابك موافقا مواتيا الا في معصية الله تعالى يا بني اياك والتقنع فانه بالنهار شهرة وبالليل ريبة يا بني لا تأمر الناس بالبر وتنسى نفسك فيكون مثلك مثل السراج يضيء للناس ويحرق نفسه يا بني لا تحقرن من الذنوب صغارها فان الصغار غدا تكون كبارا يا بني اياك والكذب فانه يفسد عليك دينك ويهجر عند الناس مروءتك فيذهب عند الناس جاهك وبهاؤك ولا يسمع منك اذا حدثت ولا تصدق اذا قلت ولا خير في العيش اذا كان هكذا يا بني اياك وسوء الخلق والضجر وقلة الصبر فلا يستقيم على هذه الخصال صاحب ولا يزول عليها من الله معاتب والزم نفسك تأنى في أمورك واحسن مع جميع الناس خلقك فان من حسن خلقه حضى عند الأبرار وظهر عند الأخيار وأحبوه محبة الأبرار وجانبه الفجار يا بني لا تقبل الهموم والأحزان وانفها عن نفسك وارض بالقضاء وارض بما قسم الله يصفوا عيشك وتريح نفسك وان اردت ان تجمع غنى الدنيا فاقطع طمعك مما في ايدي الناس يا بني ان الدنيا متاعها قليل وعمرك منها قليل وما بقي من القليل الا القليل يا بني اجعل معروفك في اهله ولا تصرفه في غير اهله فتخسره في الدنيا وتحرم ثوابه في الآخرة وكن مقتصدا ولا تكن مبذرا ولا تمسك المال تقتير ولا تعطه تبذيرا وأكرم الحكمة تكرم بها وأعزها تعز بها وسر اخلاق الحكمة في دين الله تعالى يا بني ان للحاسد ثلاث علامات يغتاب اذا غاب ويتملق اذا شاهد ويشتم بالمعيبة.
وأنفها عن نفسك وارض بالقضاء وارض بما قسم الله يصفوا عيشك وتريح نفسك وان اردت ان تجمع غنى الدنيا فاقطع طمعك مما في ايدي الناس يا بني ان الدنيا متاعها قليل وعمرك منها قليل وما بقي من القليل الا القليل يا بني اجعل معروفك في اهله ولا تصرفه في غير اهله فتخسره في الدنيا وتحرم ثوابه في الآخرة وكن مقتصدا ولا تكن مبذرا ولا تمسك المال تقتيرا ولا تعطه تبذيرا وأكرم الحكمة تكرم بها وأعزها تعز بها وسر اخلاق الحكمة في دين الله تعالى يا بني ان للحاسد ثلاث علامات يغتاب اذا غاب ويتملق اذا شاهد ويشتم بالمعيبة.