خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَوْ أَنَّمَا فِي ٱلأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ وَٱلْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
٢٧
-لقمان

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَلَو أَنَّ مَا فِي الأَرْضِ مِن شَجَرةٍ } متعلق بمحذوف حال من اسم ما والمصدر من خبر ان فاعل لثبت محذوفا او مبتدأ بلا خبر وبسطت مثل ذلك في النجوم وانما قال من شجرة ولم يقل من اشجار او من شجر ليدل اللفظ على تفصيل الشجر شجرة شجرة حتى لا تبقى واحدة الا بريت اقلاما.
{ أقَلامٌ وَالبَحْرُ } مبتدأ.
{ يَمُدُّهُ } خبر والواو للحال اي والبحر المحيط يسعفه مدادا اي يكون له مددا وهاء يمده عائدة الى ما قيل او البحر معطوف على محل اسم ان وقيل على محل ان واسمها قلت يجوز عطفه على المصدر المقدر من خبر ان الذي هو فاعل لثبت المقدر بعد لو اي ولو ثبت كون ما في الأرض من شجرة اقلاما والبحر وعلى الأوجه فجملة يمده حال من البحر وقرأ ابن مسعود (وبحر يمده) وفي تلك الوجوه كلها وزعم بعضهم انه لا يجوز فيه كون الواو للحال وبحر مبتدأ وليس بشيء وليس المعنى عندي في القرائتين على الاستئناف فضلا من ان تجعل الجملة مستأنفة ولو اجاز القاضي هذا وقرأ ابو عمر بنصب البحر عطفا على اسم ان ويمد عطف على خبرها كقولك ان زيدا قام وعمرا قعد او النصب على الاشتغال كذا قال القاضي وهو غلط بل النصب عطف على إسم ان وممن قرأ بالنصب يعقوب ثم ظهر لي توجيه كلام القاضي بأنه اذا نصب على الاشتغال ففاعل يمده سبعة ولا ضمير حينئذ في يمده واما على العطف على اسم ان ففيه ضمير البحر ومن بعده سبعة ابحر خبر ومبتدأ ويجوز ايضا على الرفع كون سبعية فاعل يمد وتنبهت لذلك بقراءة بعضهم (تمده) بالفوقية المثناة.
{ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ } اي زيادة عليه بأن يكون البحر المحيط دواة والابحر السبعة مملوءة مدادا تصب فيه مدادها ابدا صبا لا ينقطع يقال مد الدواة وأمدها اي جعل فيها مدادا او زاده فيها او زاده فيها ماء على المداد الذي فيها وهذه السبعة في هذه الأرض.
وقال ابن عمر: تحت بحركم هذا بحر نار وتحته بحر ماء وتحته بحر نار الى سبعة ابحر ماء وانها المراد في الآية ان عدي.
{ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللهِ } اي ما انقضت معلوماته بكتابتها بتلك الاقلام من ذلك المداد وتنقضي الاشجار والبحور ولا تنقضي معلوماته وانما قال كلمات الله ولم يقل كلم الله مع ان كلمات جمع قلة على ما قال سيبويه: ان جمع المؤنث السالم جمع قلة، والموضع موضع تكثير لان المراد بالكلمات هنا جمع الكثرة او اختير لفظ الكلمات اشعارا بأن ذلك لا يفي بكلماته فكيف بكلمه.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما سبب نزول الآية ان اليهود قالت: يا محمد كيف عنينا بهذا القول وما أوتيتم من العلم الا قليلا ونحن قد أوتينا التوراة تبيانا لكل شيء.
وقيل سببها أن المشركين قالوا ان الوحي سوف ينقطع وينقضي فأعلمهم الله ان كلماته لا تنتهي ينزل ويبقى مالا ينتهي فعلى الاول الآية مدنية وعلى الثاني مكية وقيل مكية على الاول ايضا بأن امر اليهود المشركين اذ وفدوا عليهم ان يقولوا اليس مما نزل عليك ان اليهود قد اوتوا التوراة وفيها علم كل شي قال الجمهور لما نزل بمكة
{ ويسألونك عن الروح } الآية وهاجر "اتاه أحبار اليهود وقالوا يا محمد: بلغنا انك تقول { وما أوتيتم من العلم إلا قليلا } أفعنيتنا أم قومك؟ فقال صلى الله عليه وسلم: كلا قد عنيت فقالوا: الست تتلوا فيما جاءك أَنا قد أوتينا التوراة فيها علم كل شيء؟ فقال صلى الله عليه وسلم: هي في علم الله قليل وقد أتاكم الله ما ان علمتم به ان انتفعتم. قالوا يا محمد: كيف تزعم هذا وانت تقول ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا، كيف يكون الشيء الواحد قليلا وكثيرا؟ فنزلت الآية مبينة انها قليل بالنسبة الى علم الله."
{ إِنَّ اللهَ عَزيزٌ } لا يعجزه شيء.
{ حَكِيمٌ } لا يفعل شيئا عبثا ولا يخرج شيء عن علمه وحكمته.