خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ إِلَى ٱلأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ
٥
-السجدة

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ يُدَبِّرُ الأَمْرَ } ينزل الوحي.
{ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ } مع جبريل.
{ ثُمَّ يَعْرُجُ } اي جبريل ويدل له ذكر تدبير الأمر بمعنى انزال الوحي.
{ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ } من سنينكم وايامكم في يوم تنازع فيه يدبر بمعنى ينزل ويعرج بمعنى يصعد فالمعنى ان الانزال والعروج في يوم من ايامكم هذه وحقه الف سنة خمسمائة نزول وخمس مائة عروج فاذا فعل فيه ما حقه ان يفعل في الف سنة فكأنه الف سنة هذا بعض ما ظهر لي ثم رأيته قول ابن عباس ومجاهد وغيرهما وقالوا لان ما بين السماء والأرض خمس مائة عام وهذا التعليل انما يصح في وحي ينزل مما ردت سماء الدنيا لا منها فان غلظ السماء ايضا خمس مائة سنة الا ان كانوا لا يقولون بهذا الغلظ او يقولون ان قوله { فِي يَوْمٍ كَانَ } الخ راجع الى العروج فقط او الى النزول فقط ويقدر للآخر مثله فخمسة آلاف في غلظ السماء وخمسة فيما بينهما وبين الأرض والفرق بين هذا وبين وجه التنازع ان العروج والنزول معا في يوم واحد على وجه التنازع وفي هذا انهما في يومين وقيل ضمير يعرج للأمر اي يعرج اليه الوحي اي حال الوحي من قبول ورد ومعنى العروج الى الله العروج الى مجال الوحي والعظمة الا فهو في كل مكان ويجوز ان يكون المراد بألف سنة استطالة الزمان الذي بين النزول والصعود لا حقيقة الالف وان قلت اذا جعلنا الالف على التحقيق تبادر انه يكون النزول والصعود في اليوم كله من ان الواقع انه يكون في اقل واكثر ايضا وقد يكون قدر طرفة عين وقد ساعة قلت اما ان يكون المراد في يوم اقل واكثر واما ان يكون المراد ان ذلك يقع في اليوم اي في بعض منه كما تقول اكلت اليوم ولم ترد انك استغرقت اليوم في الاكل وان صح وقوع ذلك في بعض منه فوقوعه في اليوم او اكثر اولا وبالصحة واما ان يريد ان ذلك يقع في يوم مطلقا في كله او بعضه فصحت وقوعه في اكثر اولى.
وقيل يدبر الامر باظهاره في اللوح فينزل به الملك ثم يعرج اليه في زمان كألف سنة وقيل يقضي قضاء الف سنة فينزل به الملك ثم يعرج بعد الالف لالف آخر وقيل يدبر الامر الى قيام الساعة ثم يرجع اليه الامر كله في يوم مقداره الف سنة وهو يوم القيامة وكونه الف سنة استطالة بدليل الاستطالة في آية اخرى بخمسين الف سنة ولولا ان المراد الاستطالة لشدة هوله لتنافي الكلامان او اراد انه كألف سنة على بعض الكفار وكخمسين الف سنة على بعض وكأقل او اكثر على بعض ويكون على المؤمن قدر صلاة يصليها في الدنيا مكتوبة كما في الحديث وقيل قدر ما بين الظهر والعصر وقيل الأمر بمعنى المأمور به وهو الطاعة ينزله ولا يعرج اليه هذا المأمور به خالصا كما يرتضيه الا في مدة متطاولة لقلة المخلصين والاعمال الخالصة ويدل له قوله
{ قليلا ما تشكرون } والالف استطالة على هذا القول او تحقيق.
وقيل آية خمسين الف سنة هي فيما بين السماء والأرض وسدرة المنتهى التي هي أمام جبرائيل عليه السلام ودخل ابن ابي مليكة وعبدالله بن فيروز مولى عثمان على ابن عباس فسأله ابن فيروز عن قوله تعالى { أَلْفِ سَنَةٍ } وقوله
{ خمسين ألف سنة } فقال ايام سماها الله لا ادري ما هي واكره ان اقول في كتاب الله مالا اعلم وقرأ ابن ابي عبلة ببناء يعرج للمفعول وقرأ (يعدون) بالتحتية.