خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا ٱلْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً
٣٠
-الأحزاب

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ يا نساء النبي من يأت } وقرىء تأت بالفوقية مراعاة لمعنى من.
{ منكن بفاحشة مبينة } اي ظاهرة اسم فاعل بين بمعنى تبين او من بين بالتشديد الذي للتأكيد وقرأ ابن كثير وابوبكر بفتح الياء اي جعلت ظاهرة وهو اسم مفعول من بين المشدد للتعدية والمراد على كل حال ظهور قبحها والفاحشة السيئة البليغة في القبح وهي كل كبيرة.
وقيل المراد هنا عصيانهن رسول الله صلى الله عليه وسلم ونشوزهن وطلبهن منه ما يشق عليه او ما يضيق به ذرعه.
وقال ابن عباس: النشوز وسوء الخلق.
وقيل الزنى وهن معصومات منه كسائر ازواج الأنبياء ولكن كما قال لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
{ لئن أشركت ليحبطن عملك } كما يأتي ان شاء الله.
{ يضاعف لها العذاب ضعفين } مفعول مطلق بين به عدد المضاعفة لان المضاعفة في لغة العرب تطلق على تكرير الشيء مرة فيكون اثنين وعلى تكريره اكثر وان ما يضاعف العذاب لمن اتت بفاحشة منهن مبينة لانهن افضل من غيرهن من النساء فما قبح من سائر النساء كان منهن اقبح فان زيادة قبح المعصية تتبع زيادة الفصل وزيادة النعمة فان الطاعة يزداد وجوبها بزيادة الفضل والنعمة وكذا ترك المعصية ولذلك جعل حد الحر ضعفي حد العبد حتى ان ابا حنيفة واصحابه لا يرون على الكافر حدا والصحيح وجوبه عليه ولذلك ايضا ترى العقلاء ولو من العامة يستقبحون المعصية من العالم اشد مما يستقبحونها من الجاهل ويستقبحونها من ابن العالم اشد مما يستقبحونها من غيره وعوتب الانبياء بما لم يعاتب به غيرهم وكذا الأولياء الافضل فالأفضل وكانت المعصية في مكة وفي رمضان اشد منها في غيرهما لما فيهما من الفضل للحسنة فيهما على الحسنة في غيرهما فيقبح من نساء النبي صلى الله عليه وسلم ما لا يقبح من غيرهن لان رسول الله زوجهن وفي ديارهن الوحي ومن كثرت عنده موجبات الطاعة وعصى فهو اشد عنادا فيكون العذاب له اشد وكما نحن بالنسبة للنبي صلى الله عليه وسلم كالعبيد لكونه اولى بالمؤمنين النساء الى ازواجه كالإماء وقريء.
{ يضاعف } بكسر العين ونصب العذاب والفاعل ضمير الله جل وعلا وقرأ ابن كثير وابن عامر { تضعف } بالنون واسقاط الالف وكسر العين مشددة ونصب العذاب وقرأ البصريان { يضعف } بالتحتية والبناء للمفعول والتشديد ورفع العذاب وقريء { يضعف } كذلك إلا انه مبني للفاعل وبنصب العذاب.
{ وكان ذلك } الضعاف او المفهوم من الكلام وهو المضاعفة والعذاب المضاعف.
{ على الله يسيرا } سهلا لا يمنعه عنه كونكن ازواج رسوله صلى الله عليه وسلم لأن كونكن ازواجه انما هو سبب المضاعفة فكيف يكون سببا لترك العذاب فليعتبر ذلك من يتساهل في المعاصي متعمدا على انه عالم او ابن او ابن ولي او من ذرية نبي فان عصيانه مع ذلك داع لتشديد العذاب.