خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلاَئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً
٥٦
-الأحزاب

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ إن الله وملائكته يصلون على النبي } قد مر الكلام على صلاة الله وصلاة الملائكة والجمع بين الحقيقة والمجاز او بين المعنيين وعلى المنع فليحمل صلاة الله وملائكته على المعنى الواحد اللائق بهم كالاعناء باظهار شرفه وتعظيم شأنه وكالتبرك وكتفسيرها بالانعام فان الله منعم وانعام الملائكة دعائهم او يقدر خبر لأن اي ان الله يصلي وملائكته يصلون على حد ان زيدا قائم وعمروا قاعد وقرئ برفع الملائكة على الابتداء ويصلون خبره وحذف خبر ان او على العطف على محل اسم ان وهذا مذهب الكوفيين او على محل ان واسمها فيما نسب لسيبويه او على الابتداء والخبر محذوف اي وملائكته كذلك او ملائكته يصلون ويصلون المذكور خبر لان وضمير الجمع للتعظيم.
{ يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه } ادعوا عليه بالرحمة.
{ وسلموا تسليما } حيوه تحية الاسلام فمن قال اللهم ارحم محمدا فقد صلى عليه ومن قال آت محمدا الوسيلة فقد صلى عليه وكل من دعا له بخير فقد صلى عليه واذا قلت اللهم صل عليه فقد دعوت الله ان يرحمه دعاءك بذلك صلاة ولما كان امر الصلاة اكيد ابداء الله قبل الأمر به بالاخبار عن نفسه وملائكته انهم يصلون عليه فانتم اولى بأن تصلوا عليه لانكم ترجون شفاعته ومبعوث اليكم البعث التام الواضح وتحية الاسلام ان تقولوا السلام عليك يا رسول الله او يا ايها النبي والسلام على رسول الله او نحو ذلك واما قولك اللهم سلم عليه فهو صلاة لانه دعاء بالخير لكن لا يجزي عن الصلاة وقيل هو ونحوه سلام ولو افاد دعاء وما تقدم هو تحقيق المقام واما الصلوات الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم فاخبار عن نوع فائق من انواع الصلاة لا حصر فمن حلف ان يصلي عليه افضل الصلاة وقال ذلك بر وقيل يبر إن زاد كلما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون او سهى بدل غفل وقيل يبر.
وان قال اللهم صلى على محمد كما هو اهله ويستحقه قيل يبر ان اخذ من كل رواية صحيحة ذكرا فيجمعهن.
عن عبد الرحمن بن ابي ليلى قال:
"جاءني كعب بن عجرة فقال ألا اهدي لك هدية؟ بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم اذ قال رجل يا رسول الله هذا السلام عليك قد عرفناه فكيف الصلاة عليك قال: تقولوا اللهم صل على محمد وعلى من صلح من آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد" ذكره الشيخ هودرحمه الله والحديث في البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابو داود لكن فيهما ما نصه ان النبي صلى الله عليه وسلم خرج علينا فقلنا يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك، وروى ابن ابي حاتم "لما نزلت { ان الله وملائكته } الخ قلنا يا رسول الله فكيف الصلاة عليك فقال: قولوا اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد" وقال عبد الرحمن بن ابي ليلى يقول وعلينا معهم وفيهما عن ابي حميد الساعدي قالوا يا رسول الله كيف نصلي عليك قال: "قولوا اللهم صل على محمد وعلى ازواجه وذريته كما صليت على ابراهيم وبارك على محمد وعلى ازواجه كما باركت على ابراهيم انك حميد مجيد" .
وفي مسلم عن ابن مسعود البدري وقد رواه مالك ايضا "أَتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في مجلس سعد بن عبادة فقال له بشير بن سعد امرنا الله ان نصلي عليك يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تمنينا انه لم يسأله ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على ابراهيم في العالمين انك حميد مجيد " والسلام كما قد علمتم وروى عنه صلى الله عليه وسلم: "قولوا اللهم بارك على محمد وعلى من صلح من آل محمد كما باركت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد" .
وعن ابي مسعود الأنصاري: "إِن من أَفضل أَيامكم يوم الجمعة فأَكثروا علي من الصلاة فيه فإِن صلاتكم مفروضة علي" وروى الحسن: "أكثروا الصلاة علي يوم الجمعة" .
وعن انس بن مالك عن ابي طلحة عنه صلى الله عليه وسلم: "من صلى علي صلاة صلى الله عليه عشرا" وعن عبدالله بن مسعود ان ملكا موكل بالعبد فاذا قال العبد صلى على محمد قال الملك وانت فصلى الله عليك.
وذكروا انه قيل
"يا رسول الله كيف تبلغك صلاتنا اذا ضمتك الأرض؟ قال: إِن الله حرم على الأرض أَن تأكل من اجساد الأنبياء شيئا" وعن ابي هريرة عنه صلى الله عليه وسلم: "ما من أَحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أَرد عليه السلام" وعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم" .
وعن ابن مسعود ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أَولى الناس بي يوم القيامة أَكثركم علي صلاة" وعن انس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى علي مرة واحدة صلى الله عليه عشرا وحط عنه عشر خطيئات ورفعت له عشر درجات" وعن ابي طلحة "أَن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ذات يوم والبشرى في وجهه فقلنا انا لنرى البشرى في وجهك فقال: أتاني الملك فقال: يا محمد ان ربك يقول اما يرضيك ان لا يصلي عليك احد الا صليت عليه عشرا ولا يسلم عليك احد الا سلمت عليه عشرا" .
وعن ابن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِن لله ملائكة سباحين في الأرض يبلغوني من أُمتي السلام" .
وعن ابي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "من اراد ان يكتال بالمكيال الأوفى فليقل اللهم صلي على محمد النبي الأمي وأزواجه أمهات المؤمنين" .
وروي ان: "من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشرا ومن صلى علي عشرا صلى الله عليه مائة ومن صلى علي مائة صلى الله عليه الفا" .
وروي: "حسب المؤمن من البخل ان اذكر عنده ولا يصلي علي" ومفهومه ان الصلاة عليه واجبة وانها جود وسخاء ومن صلى على رسول الله في كتاب لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام اسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ومن صلى عليه خلق الله ملكا له سبعون رأسا في كل رأس الف وجه في كل وجه الف فم في كل فم الف لسان كل لسان يسبح بألف لغة وله اجر لك كله. وعن ابن مسعود: (اذا صليتم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحسنوا الصلاة عليه فانكم لا تدرون لعل ذلك يعرض عليه فقالوا له: علمنا قال: قولوا اللهم اجعل صلواتك وبركاتك ورحمتك على سيد المرسلين وامام المتقين وخاتم النبيين محمد عبدك ورسولك امام الخير ورسول الرحمة اللهم اغبطه مقاما محمودا يغبطه فيه الأولون والآخرون اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وآل ابراهيم انك حميد مجيد).
وعن رويفع بن ثابت الأنصاري ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"من صلى على محمد وقال: اللهم انزله المقعد الصادق المقرب عندك يوم القيامة وجبت له شفاعتي" .
قال طاؤوس: سمعت ابن عباس يقول: اللهم تقبل شفاعة محمد الكبرى وارفع درجته العلياء واعطيه سؤله في الآخرة والأولى كما اتيت ابراهيم وموسى وكان علي يعلم الناس ان يقولوا اللهم داحي المدحوات - أي باسط الأرضين - وباري الممسوكات - أي المرفوعات وهي السماوات - اجعل شرائف صلواتك ونوامي بركاتك ورأفة تحننك على محمد عبدك ورسولك الفاتح لما اغلق والخاتم لما سبق والمعلن الحق بالحق والدامغ لجيشات الأباطيل - اي المزيل لمرتفعات الاباطيل واصل الدمغ اصابة الدماغ كما حمل فاضطلع اي قوي افتعل من الصلاعة وهو القوة - بأمرك بطاعتك مستوفرا في مرضاتك واعيا لوحيك حافظا لعهدك ماضيا على نفاذ امرك حتى اوري قبسا لقابس آلاء الله - أي نعمه - تضل بأهله - اي بأهل القبس وهو الاسلام - اسبابه - اي المؤمنين به - هديت القلوب بعد خوضات الفتن والاثم وانهج موضحات الاعلام وناثرات الأحكام ومنيرات الاسلام فهو امين المأمون وخازن علمك المخزون وشهيدك يوم الدين وبعيثك نعمة ورسولك بالحق رحمة اللهم افسح له في عدلك واجزه مضاعفات خير من فضلك مهنئات له غير مكدرات من فوز ثوابك المحلول وجزيل عطائك المملول - اي المضاعف - كما تشرب بعد نهل اللهم اعل على بناء الناس - اي عملهم - بناءه واكرم مثواه لديك ونزله واتمم له نوره وابعثه مقبول الشهادة مرضي المقالة ذا منطق عدل وخطة فصل وبرهان عظيم. والخطة الامر والتشبيه في قوله: كما صليت على ابراهيم اما لأنه قال ذلك قبل ان يعلم انه افضل من ابراهيم وقد قال له رجل يا خير البرية فقال (ذلك ابراهيم) ويبحث فيه بأنه لو صح ذلك لغير لفظ الصلاة بعد علمه بأنه افضل واما للتواضع والتشريع لامته ليكتسبوا بذلك فضيلة واما لان التشبيه بأصل الصلاة لا بالقدر كقوله { { إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح } } { { وأحسن كما أحسن الله إليك } وقولك احسن الى والدك كما احسنت الى فلان تريد اصل الاحسان لا قدره ورجحه القرطبي في شرح مسلم واما لأن التشبيه عائد الى قوله: وعلى آل محمد اي صل على آل محمد كما الخ وبحث فيه بأن غير الأنبياء لا يساوي الأنبياء في الصفات ولا في الثواب الحاصل لهم وقد يجاب بأن المطلوب الثواب الحاصل لهم لا جميع الصفات التي كانت سببا للثواب ونقل الغزالي هذا الجواب عن نص الشافعي وقال ابن القيم: لا يصح ذلك عن الشافعي لركته واجاب ابن حجر بأنه لاركة بل التقدير اللهم صل على محمد وصل على آل محمد كما صليت الخ فلا يمتنع تعلق التشبيه بالجملة الثانية المقدرة واما لانه من التشبيه بالمشهور سواء كان المشهور افضل او مساويا او دني وتعظيم ابراهيم مشهور في العالمين كما يدل له ذكر العالمين مع ابراهيم، أي كما اظهرت الصلات على ابراهيم في العالمين ومن ذلك قوله جل وعلا { { مثل نوره كمشكاة } افاني يقع نور المشكاة من نوره تعالى واما لأن التشبيه للمجموع بالمجموع وابراهيم افضل من آل محمد صلى الله عليهما وسلم. قال النووي: أحسن الأجودة ما نسبت الى الشافعي ان التشبيه لأصل الصلاة بأصل الصلاة أو المجموع بالمجموع واما لأن محمدا صلى الله عليه وسلم من آل ابراهيم أي صل على محمد وآله خصوصا بقدر ما صليت على ابراهيم وآله عموما فيحصل لآله ما يليق بهم ويبقى الباقي كله له وذلك القدر ازيد مما لغيره من آل ابراهيم والمطلوب له بهذا اللفظ افضل من المطلوب له بغيره من الالفاظ وقد ثبت ذلك عن ابن عباس في قوله تعالى: { { إن الله اصطفى آدم } الآية وأما لأن التشبيه راجع الى قول الملائكة رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت ومحمد من اهل البيت اي اجب صلاتنا عليه وعلى آله كما اجبت صلاة الملائكة على ابراهيم واهل بيته ولذلك ختم الحديث بحميد مجيد كالآية والآل في الصلاة عند الجمهور والشافعي من حرمت عليهم الزكاة ورجحوه وقيل ازواجه وذريته وقيل كل من آمن به من امته حكاه ابوالطيب الطبري عن بعض الشافعية ورجحه النووي في شرح مسلم وقيل اتقياء الأمة ذكره القاضي حسين ويقويه ما رواه تمام في فوائده والديلمي عن انس قال: "سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم من آل محمد فقال كل أُمتي من أُمة محمد" زاد الديلمي ثم قرأ { إن أولياءه إلا المتقون } وفي السند ضعف لكن يشهد له ما في الصحيحين كحديث: "إِن آل أَبي فلان ليسوا بأوليائي إِنما ولي الله وصالح المؤمنين" . وعن ابن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اذا تشهد احدكم فى الصلاة فليقل اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وارحم محمدا وآل محمد كما صليت وباركت وترحمت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد" وهذا دليل على جواز الترحم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو قول الجمهور ويدل له قول الأعرابي عنده صلى الله عليه وسلم اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا احدا فقال له: "لقد حجرت واسعا" ومنعه جمهور المالكية وأجازه منهم ابن ابي زيد.
وان قلت ما وجه رواية كما صليت على ابراهيم؟
قلت: وجهه احد الأوجه المذكورة في رواية (كما صليت على ابراهيم) وقد سبقت آنفا او الآل مقحم كما اقحم في قوله لأبي موسى (اعطيت مزمارا من مزامير آل داود) ولم يكن لداود آل مشهور بحسن الصوت
"وعن عبدالله بن عمرو بن العاص من صلى على رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة صلى الله عليه بها وملائكته سبعين صلاة فليقلل عبد من ذلك او ليكثر وقال ابي بن كعب: يا رسول الله اني اكثر الصلاة عليك فكم اجعل لك من صلاتي قال ما شئت فقال قلت الربع قال ما شئت وان زدت فهو خير لك قلت فالنصف قال ما شئت وان زدت فهو خير لك قلت الثلثين قال ما شئت وان زدت فهو خير لك قلت اجعل لك صلاتي كلها قال اذا تكفى همك ويغفر ذنبك" وعن ابي امامة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم امر باكثار الصلاة عليه ليلة الجمعة ويومها قال ابن القيم لأنه صلى الله عليه وسلم سيد الأنام ويوم الجمعة سيد الأيام فالصلاة فيه مزية ولأن كل خير نالته امته في الدنيا والآخرة فانما نالته على يده صلى الله عليه وسلم فجمع الله به لأمته خيري الدنيا والآخرة واعظم كرامة تحصل لهم فانها تحصل لهم يوم الجمعة فان فيه بعثهم الى منازلهم وقصورهم في الجنة وهو يوم المزيد لهم اذا دخلوا الجنة وذلك بالقدر للأيام اذ لا يوم ولا ليلة في الآخرة وهو عيد لهم في الدنيا ولا يرد داع فيه وهذا كله حاصل لهم بسببه صلى الله عليه وسلم فمن شكره وحمده واداء القليل من حقه صلى الله عليه وسلم ان يكثر من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في هذا اليوم وليله وعن ابي الدرداء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى علي حين يصبح عشرا وحين يمسي عشرا ادركته شفاعتي يوم القيامة" وعن سهل بن سعد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا وضوء لمن لم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم" أي لا وضوء كامل وعن ابي رافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا طنت أذن احدكم فليذكرني وليصل علي وليقل ذكر الله من ذكرني بخير" .
وعن انس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اذا نسيتم شيئا فصلوا علي تذكروه إِن شاء الله تعالى" . وتستحب الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم عند العطاس فيما قال بعض، وقال بعض: هذا موضع يفرد فيه ذكر الله سبحانه وتعالى كالأكل والشرب والجماع وعند زيارة قبره صلى الله عليه وسلم لقوله صلى الله عليه وسلم: "من صلى عليّ عند قبري سمعته" وعن ابي سعيد ما من قوم يقعدون ثم يقومون ولا يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم الا كان عليهم حسرة وان دخلوا الجنة لما يرونه من الثواب والحسرة قبل الدخول، ومعنى وان دخلوا الجنة: وان كانوا ممن يدخلها، وعن ابي هريرة عنه صلى الله عليه وسلم: "ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا على نبيه الا كان عليهم ترأة (أي حسرة) فإن شاء عذبهم وان شاء غفر لهم" وتستحب الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الصفا والمروة وفي صلاة الجنازة على ما تقرر في كتبنا وبعد الفراغ من التلبية ذكره محمد بن ابي بكر رضي الله عنه، وعند دخول المسجد وعند الخروج منه لما روت فاطمة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على نفسه اذا دخله واذا خرج، وذكر قومنا عن حذيفة وابي موسى والوليدين عقبة الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل كل تكبيرة من تكبيرات صلاة العيد لكن يفرق بالدعاء بين الصلاة عليه والتكبير، وعن جابر بن عبدالله عنه صلى الله عليه وسلم انه قال: "صلوا عليّ أول الدعاء ووسطه وآخره" وتتأكد الصلاة عليه بعد الوتر وبعد الآذان لما رواه عمرو بن العاص ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإِنه من صلى علي واحدة صلى الله عليه وسلم بها عشرا ثم اسئلوا الله الوسيلة فانها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجوا أن أكون أنا هو فإن سأل الله لي الوسيلة حلت له الشفاعة" ولا خطبة إلا بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ومن صلى عليه في التحية الأولى أو الثانية فلا تفسد صلاته وتستحب في الثانية عند ذكره أو ذكر لفظ الرسول أو بعد ذلك وأوجبها بعض قومنا في التشهد الأول والآخر.
وقال بعض منهم تسن فيهما ولهم في استحباب الصلاة على الأول في التشهد الأول قولان الأصح المنع وفي وجوبها في الثاني قولان الاصح انها سنة واما الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه فواجب على الراجح عند الشافعية.
والأمر بالصلاة عليه كان في السنة الثانية من الهجرة وقيل ليلة الاسراء وقيل من شهر شعبان هو شهر الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم لأن قوله عز وجل { إن الله وملائكته } الخ نزلت فيه وصلاتنا عليه تقرب لله بامتثال امره وقضاء علينا ومكافأة له لا شفاعة فمثلنا لا يشفع لمثله وفائدتها للمصلي بحسب احترامه صلى الله عليه وسلم فقيل تجب في الجملة من غير حصر واقل ما يحصل به الأجزاء مرة وقيل يجب الاكثار منها من غير تقيد بعدد وقيل يجب كلما ذكر لحديث جبريل (من ذكرت عنده يا محمد فلم يصل عليك ابعده الله) وحديث
"رغم انف من ذكرت عنده فلم يصل علي" وحديث "شقي عبد ذكرت عنده فلم يصل علي" قال ابن العربي وجار الله هو؟؟؟ ورد بأن فيه حرجا اذ تلزم عليه كل من ذكره ولو مؤذنا او سمعه وقارئه وسامع قراءته والأحاديث المذكورة خرجت مخرج المبالغة بالتأكيد وبقي في حفظي ان بعض الصحابة قال له يا رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ كلامه وزعم بعض انه لم يحفظ عن احد من الصحابة ذلك وانها لو وجبت كلما ذكر لوجب ان يقولوا ذلك وقيل تجب في كل مجلس مرة ولو تكرر ذكره مرارا وقيل في كل دعاء وقيل مستحبة والأمر فيها للندب وقيل تجب في العمر مرة في الصلاة وغيرها ككلمة التوحيد وقال ابو جعفر الباقر تجب في الصلاة من غير تعيين المحل وقال الشعبي تجب في التشهد وقال الشافعي تجب بين قول التشهد وسلام التحلل ونسب لابن مسعود وابي مسعود البدري وجابر بن عبدالله وعمر بن الخطاب وابنه عبدالله ونسبه بعض للشعبي وابوجعفر الباقر ومقاتل والمشهور عن احمد بطلان الصلاة بدونها عمدا او سهوا وقيل هي ندب فيها ويكره افراد الصلاة عن السلام والسلام عن الصلاة لأن الله سبحانه قرنهما ولو في الكتابة مع الجمع بينهما نطقا واجاز بعضهم احدهما في وقت والآخر قبل ذلك وقيل لا سلام الا على حي وهو ضعيف وتجوز الصلاة على الأنبياء روى ابو هريرة (صلوا على أنبياء الله) وعن ابن عباس: (اذا صليتم علي فصلوا على انبياء الله فانهم بعثوا كما بعثت). وروى عكرمة عنه اختصاص الصلاة به صلى الله عليه وسلم وبه قال عمر بن عبدالعزيز ومالك واما على غير الأنبياء فبالتبع تجوز قيل باجماع وحكى بعض قولا بالمنع واما بغير التبع فقيل جائز "اذ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا اتاه قوم بصدقة قال اللهم صلى عليهم" واتاه ابي بصدقته فقال "اللهم صل على آل ابي أوفى" ومنعه الجمهور فلا يقال بو بكر صلى الله عليه وسلم وان كان المعنى صحيحا كما لا يقال قال محمد عز وجل وان كان صلى الله عليه وسلم عزيزا جليلا وعبارة بعض ان الصلاة على غير الأنبياء باستقلال مكروهة على قول الأكثرين كراهة تنزيه وخلاف الأولى عند بعض وحرام عند بعض ويدل للجواز قوله عز وجل { هو الذي يصلي عليكم } و { { صل عليهم إن } الخ كذا قال جار الله وليس بشيء لأن المعنى في ذلك الرحمة والترحم والخلاف في لفظ الصلاة فائدة قال جار الله: روى "انه قيل يا رسول الله أرأيت قول الله تعالى { ان الله وملائكته يصلون على النبي } فقال عليه السلام: هذا من العلم المكنون ولولا انتم سألتموني عنه ما اخبرتكم ان الله وكل بي ملكين فلا اذكر عند عبد مؤمن فيصلي علي الا قال ذلك الملكان غفر الله لك وقال الله وملائكته لذينك الملكين آمين" قلت يستفاد منه ان امين قد تجيىء اسما للفعل المضارع المبدوء بهمزة لأن قول الله سبحانه امين استجيب.