خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُواْ مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَٱشْكُرُواْ لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ
١٥
-سبأ

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ لقد كان لسبأ } هم أولاد سبأ بن يشحب بن يعرب بن قحطان سميت أولاده بإسمه وصرف الاعتبار الاولاد والقوم او نحو ذلك او لأن المراد به الأب فيقدر مضاف اي أولاد سبأ وفتح ابن كثير وابو عمر وهمرته منعاً من الصرف مراعاة المعنى القبيلة وعن ابن كثير: قلب همزته ألفاً مع عدم التنوين رواه بعض تلاميذه، ولعل ابن كثير أخرج الهمزة بين بين فتوهم هذا التلميذ انه أبدلها الفاً.
وقيل: سبأ لامرأة ملكتهم، وقيل: إسم لبلدهم وسموا به، وما ذكرته اولاً هو قول الجمهور.
قال فروة ابن مسيك: نزل في سبا ما نزل فقال رجل: يا رسول الله وما سبأ أرض او امرأة؟.
قال: ليس بأرض ولا امرأة ولكنه رجل ولد عشرة من العرب تيامن منه ستة الازد والاشعريون وحمير وكندة ومدحج وانمار.
قال رجل: وما انمار يا رسول الله؟.
قال: الذين منهم ختعم ويجيلة وتشاءم منهم اربعة لخم وجذام وغسان وعاملة، وفي القاموس: وسبأ كجبل ويمنع بلدة بلقيس ولقب انب بشخب بن يعرب واسمه عبد شمس بجميع قبايل اليمن عامة انتهى. وقوله يمنع معناه صرفه.
{ في مساكنهم } جمع مسكن وهي باليمن ويقال لها مارب بينها وبين صنعا ثلاثة ايام وقراء حمزة وحفص في مسكنهم بفتح الكاف والافراد وكذا قراء الكسائي بالافراد لكن يكسر الكاف على خلاف القياس لان مضارعه مضموم العين وقياس اسم المكان كالزمان والمصدر فتح العين اذا فتحت في المضارع او ضمت ومسكنهم بلدهم او مسكن كل واحد منهم.
{ آية } علامة تدل على وجود الصانع المختار وانه قادر على ما بداه من الامور العجيبة مثيب معاقب اخذه بعضد الاية التي اظهرها على يد داود والتي ظهرها على يد سليمان عليهما السلام.
{ جنتان } بدل آية او خبر لمحذوف اي هي جنتان ويدل له قراءة جنتين بالنصب على المفعولية لمحذوف على المدح وانما جعل الجنتين آية باعتبار قصتهما واعراض اهلهما عن الشكر عليهما وليس المراد بهما بستانين فقط بل جماعتان من البساتين.
{ عن يمين } جماعة عن يمين بلدهم.
{ وشمال } اي وجماعة عن شماله كل واحدة من الجماعتين في تقاربهما وتضامهما كانهما جنة واحدة ويعتبر يمين بلدهم حين الخروج منه وقيل المراد يمين وادبهم وشماله كان لهم واذا حاطت به الجنتان ويحتمل ان يكون المراد بستاني كل رجل منهم عن يمين مسكنه وشماله.
{ كلوا من رزق ربكم واشكروا له } اي قيل لهم كلوا او قلنا لهم كلوا او قال لهم انبياءهم كلوا او قال لهم لسان الحال او هم احقاء ان يقال لهم ذلك والمراد بالرزق ثمر الجنتين والهاء في له عائدة الى الرب سبحانه وتعالى.
{ بلدة } اي بلدتكم بلدة.
{ طيبة } ثمرة ليست بسيخة لا بعوض فيها ولا قملة ولا برغوث ولا ذباب ولا حية ولا عقرب ولا شيء من الهوام ويجيء الرجل من غيرها بقمل في ثوبه فيموت لكون هواها طيبا وكانت اخصب البلاد واطيبها الاتصيبا الافة من نحو جراد وفساد ثمار او غير ذلك.
قال ابن عباس تخرج المرأة على رأسها المكتل وتعمل بيدها شغلها كغزل وتسير بين الشجر فيمتلى بما يتساقط من الثمار من غير ان تجنيها.
{ ورب } اي وربكم رب او وهو رب.
{ غفور } لذنوب من يشكره وقرى بنصب بلدة طيبة ورب غفور على المدح او على ان بلدة مفعول لا شكروا وله متعلق باشكروا كما في قراءة الرفع وفي الوجه الاول من النصب او حال من بلدة المنصوب وقوله وربما غفورا على تقدير واشكروا ربا غفورا والتنكير للتظغيم.