خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَنفَعُ ٱلشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّىٰ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُواْ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُواْ ٱلْحَقَّ وَهُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلْكَبِيرُ
٢٣
-سبأ

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ ولا تنفع الشفاعة عنده } عند الله.
{ إلا لمن أذن له } ان يكون شافعا فحينئذ تكون شفاعته نافعة وهؤلاء الذين زعمتم لم يأذن لهم في الشفاعة فضلا عن ان يشفعها فتنفع شفاعتهم فمن واقعة على من يكون شافعا واللام مثلها في قولك الكرم لزيد على انه المكرم بفتح الراء والمعنى لا تنفع الشفاعة اي لا تجلب خيرا الا لمن اذن الله ان يشفع له شافع فمن واقعة على المشفوع له واللام في قولك الكرم زيد على انه المكرم بفتح الراء لا المكرم بكسرها ولا يأذن الله ان يشفع للمشركين وقرأ ابو عمرو وحمزة والكسائي ببناء اذن للمفعول.
{ حتى اذا فزع } بالبناء للمفعول والنائب المجرور بعده توصل اليه بالحرف وقرا ابن عامر ويعقوب بالبناء للفاعل وهو ضمير الله وحتى حرف ابتداء لإجازة { إذا } خلافا لبعض.
{ عن قلوبهم } كشف الفزع عنها بالاذن فيها والضمير للشافعين والمشفوعين اي يتوقفون وينتظرون خائفين وجلين حتى يكشف الفزع عنهم باذن في الشفاعة وليست حتى الابتدائية خارجة عن الغاية بالكلية بل فيها دلالة عليها وقد قرىء فرع بالتخفيف والبناء للفاعل وهو ضمير الله اي نفي الوجل عنها كقولك فزع الزاد اذا فزع وفزعته افزعته وقرأه فزع بالتخفيف والبناء للمفعول وقيل الضمير في قلوبهم للملائكة وقد تقدم ذكرهم ضمنا.
{ قالوا } جواب اذا اي قال بعضهم لبعضهم استشارا.
{ ماذا قال ربكم قالوا الحق } اي قالوا قال الحق وهو القول الحق الذي هو الاذن في الشفاعة وقرىء بالرفع اي الذي قاله ربكم الحق فالانسب بالقراءة الاولى ان يجعل ماذا اسم استفهام مفعولا لقال وبالثانية ان يجعل ماذا مبتدأ وخبرا وقال ربكم صلة ذا اي ما الذي قاله ربكم.
{ وهو العلي } اي القاهر.
{ الكبير } أي العظيم الشأن لا كلام يومئذ ولا شفاعة لملك ولا نبي الا باذنه.
وقال الشيخ هود في تفسيرالآية: ان أهل السماوات لم يسمعوا الوحي فيما بين عيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم وذلك خمسمائة سنة او ستمائة ولما بعث الله جبريل إلى محمد بالوحي سمع أهل السماوات صوت الوحي كجز السلاسل على الصخور فصعقوا مخافة ان تكون الساعة ولما فرغ من الوحي انحدر جبريل جعل كلما مر بأهل سماء كشف عن قلوبهم فسأل كل أهل سماء من فوقهم ماذا قال ربكم فيقولون الحق من عند الحق وفي رواية يسأل أهل كل سماء بعضهم بعضا وكذا ذكره لخازن واقول لا يصح ذلك تفسير للاية لان هذا قبل القيامة والسياق السابق في الشفاعة والرواية عن ابن مسعومد انهم يصعقون عند كل وحي حتى يمر بهم جبريل فيسألونه يقولون ماذا قال ربكم يا جبريل فيقول الحق وانهم يسمعون الوحي كصوت الاجراس الصلبة بعضها ببعض وصعقهم مخافة على انفسهم من غضب الله او مخافة من الساعة.
وكذلك روي عن ابي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه اذا قضي الله امرا في السماء ضربت الملائكة باجنحتها خضعا لقوله كانه صلصلة على صفوان وهو الحجر الاملس فاذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير وليس ذلك منه صلى الله عليه وسلم تفسيرا للاية بل حكاية لما تقول الملائكة.
وعن كعب ان اقرب الملائكة الى الله سبحانه وتعالى عن حلول الاماكن اسرافيل فاذا اراد الله امرا جاء اللوح حتى يكون فوق جهته فيرفع رأسه فينظر فاذا الامر مكتوب فينادي جبريل فيأتيه فيقول امرت بكذا وكذا فلا يهبط جبريل من سماء إلى سماء الا فزع اهلها مخافة الساعة حتى يقول جبريل الحق من الحق فيهبط على النبي فيوحيه وقد يقال على بعد ان تلك الروايات تفسير للاية على معنى من اين للاصنام الجمادات ان تكون شافعة ومن اين للملائكة ان تكون شافعة وشريكة له في السماوات وهذه حالها في الدنيا اجلالا لله عز وجل فكيف تشفع في الآخرة الا باذنه كانه قيل أمر الله عظيم حتى ان حال الملائكة كذا وكذا وقيل الآية عند الموت او افزع عن قلوب المشركين اي كشف الفزع عنها عند الموت قالت الملائكة ماذا قال ربكم في الدنيا لاقامة الحجة قالوا الحق فاقروا حين لا ينفعهم الاقرار.