خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعِزَّةَ فَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ ٱلْكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ وَٱلْعَمَلُ ٱلصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَٱلَّذِينَ يَمْكُرُونَ ٱلسَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ
١٠
-فاطر

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ من كان يريد العزة } الشرف والنجاة.
{ فلله العزة جميعا } حال من ضمير الاستقرار لا شيء منها بيد غيره فلتعبد الله وحده يعززه دينا واخرى وفي ذلك ازراء بعبدة الاصنام رجاء ان تعزهم ايبتغون عندهم العزة فان العزة لله جميعا واتخذوا من دون الهة الخ، فما العزة الا لله ورسوله ولمن يتناولها بالايمان والعمل الصالح وهذا قول قتادة وقال مجاهد من كان يريد العزة الكاملة فليس منها افإنها ليست الا لله عز وجل والاول قول الجمهور واولي كما قال:
{ إليه يصعد الكلم } وقرىء { يصعد } بالبناء للمفعول من اصعد المتعدي بالهمزة الكلم وقرىء { يصعد } بضم الياء وكسر العين أي الله من اصعد كذلك ونصب الكلم ويصعد بفتح الياء.
{ الطيب والعمل الصالح } أداء الفرائض وصعودهما قبول الله اياهما او صعود الملائكة بصحيفتهما وجملة.
{ يرفعه } مستأنفة او حال من العمل او من الكلم والمستتر فيه عائد إلى الله والمنصوب للكلم او للعمل او المستتر للكلم ويدل له قراءة نصب العمل على الاشتغال وهذه القراءة تدل على وجه اخر وهو كون العمل مبتأ وان قلت كيف يكون الكلم رافعا للعمل الصالح؟.
قلت: صحيح هذا الوجه فان العمل الصالح لا يقبل ولا يكتب ولا يرفع الى السماء الا بالكلم الطيب وهو لا إله إلا الله محمد رسول الله وما جاء به حق وان قلت فكيف يكون العمل الصالح رافعا للكلم الطيب في الوجه الاخر قلت وجهه انه مقو للايمان ومحقق له فانه بلا عمل كالعدم.
قال ابن المقفع: قول بلا عمل كثريد بلا دسم وسحاب بلا مطر وقوس بلا وتر وتخصيص العمل بهذا الشرف لما فيه من الكلفة ويجوز كون المستتر عائد للمتكلم بالكلم والمنصوب للعمل او عائدا للملك والمنصوب للعمل.
وقيل: المراد بالكلم الطيب كل قول حسن ككلمة الاخلاص والذكر والدعاء وقراءة القرآن والامر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وعن النبي صلى الله عليه وسلم
"هو قول العبد سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر إذا قالها العبد عرج بها الى السماء فاذا لم يكن عمل صالح لم يقبل" .
وروي ذلك عن ابن مسعود بزيادة: وتبارك الله بعد قوله: الله اكبر.
وقال: انه ما يقولهن مسلم الا اخذهن ملك تحت جناحه فلا يمر بهن على ملك الا استغفر لقائلهن.
وقال أبي: لا أحدثكم بحديث إلا انبأتكم بمصداقه من كتاب الله قال ومصداق ذلك قوله عز وجل { إليه يصعد الكلم الطيب } وفي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
"لا يقبل الله قولا بلا عمل ولا قولا وعملا وبلا نية ولا قولا وعملا ونية بلا إصابة السنة" .
{ والذين يمكرون السيئات } نعت لمصدر محذوف اي المكرات السيئات ومتعلق المكر محذوف اي يمكرون بالنبي صلى الله عليه وسلم والذين يمكرون به هم قريش فإنهم يمكرون به انواعا من المكرات السيئات ومن ذلك انهم اجتمعوا في دار الندوة وتداولوا الرأي اما ان يحبسوه او يقتلوه او يجلوه وقاموا على ان يجتمع القبائل على قتله كما مر في محله { { وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك } }. وقيل: المعنى والذين يعملون السيئات وهي الاشراكات وقيل المراد اصحاب الرياء.
{ لهم عذاب شديد } هو عذاب جهنم لا يساويه عذاب وهو جزاء على مكرهم مع انه لا ينفد كما قال: { ومكر أولئك هو يبور } لا ينفد لان الامور بقضاء الله وقدره ولا يقع شيء لم يرد الله ان يقع وقد بار مكرهم ووقع عليهم اذ اخرجهم الله عز وجل من مكة وقتلهم واثبتهم في قليب بدر ولا يحيق المكر السيء الا باهله.