خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً ومِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ
٩
-يس

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا } فهم بين سدين محيطين بهم من كل جهة فان ذكر امام ووراء كناية عن الاحاطة من كل جهة وليس المراد خصوص الجهتين وقرأ حمزة والكسائي وحفص بفتح السينين وهو لغة وقيل ما كان يفعل الناس فبالفتح وفيما كان بخلق الله بلا واسطة الناس فبالضم وعلى هذا القول ففي قراءة حمزة والكسائي وحفص تشبيه منع الله لهم عن الايمان بسوء اختبارهم لا بالقهر بجعل الناس السد المانع.
وقال عكرمة: الفتح فيما كان بخلق الله والضم فيما كان من عمل الناس والمراد تشبيه خذلانهم وعدم توفيقهم بجعل السد الحائل بين شيئين.
{ فأغشيناهم } غطيناهم كلهم امصارهم وغيرهم وهذه مبالغة او المراد غطينا ابصارهم.
وعن مجاهد: البسنا ابصارهم غشاوة وقرىء بالعين المهملة أي جعلناهم غشيا اي لا يبصرون ليلا هذا هو المعنى الحقيقي وتجوز به إلى عدم الابصار مطلقا ليلا او نهارا ثم جعل هذا كالحقيقة وتجوز به الى عدم الهداية هذا ما ظهر فهو مجاز بمرتبتين.
{ فهم لا يبصرون } سبيل الهدى وانت خبير بأن ذلك كله على سبيل التجوز في كل مما ذكر على حدة أو بعضه ترشيح او على سبيل التمثيل فيكون من المجاز المركب وهو اولى شبه حالهم بحال من هو في سجن لا يرى شيئا لظلمته وذلك ان جهلهم وسوء اختيارهم منعهم عن النظر في الآيات.
وروي أن الآية نزلت في ابي جعل وصاحبه المخزومي حلف ابو جهل لعنه الله لئن رأى محمدا يصلي ليرضخن رأسه بالحجارة فاتاه وهو يصلي وفي يده حجر فلما رفعه للضرب الصقت يده لعنقه وألزق الحجر بيده فلما رجع إلى أصحابه وأخبرهم انحلت يده وسقط الحجر فقال صاحبه المخزومي أنا اقتله بهذا الحجر فاتاه وهو يصلي فاعمى الله بصره فجعل يسمع صوته ولا يراه فرجع ألى اصحابه فلم يرهم حتى نادوه فقالوا له ما صنعت قال ما رأيته ولقد سمعت صوته وحال بيني وبينه كهيئة الفحل يضرب بذنبه لو دنوت منه لأكلني وذكروا أنه صلى الله عليه وسلم بالغ في انذارهم وتسفيه عقولهم وسب الهتهم يوما فاظهروا له شدة الاداء وانصرف حزينا فقال ابو جهل لعنه الله يا معاشر قريش ان محمدا قد ابى الا ما ترون واني اعاهد الله لاجلسن له غدا بحجر ما يطيق حمله فاذا سجد في صلاته رضخت به رأسه فأسلموني عند ذلك او أمنعوني فيصنع بي بنو عبد مناف ما بدا لهم فقالوا والله ما نسلمك لشيء ابدا فلما اصبح اخذ حجرا كما وصف فلما سجد صلى الله عليه وسلم كعادته وقريش ينظرون احتمل اللعين الحجر ثم اقبل نحوه حتى اذا دنا منه رجع منهزما مستنقعا لونه مرعوبا قد يبست يداه على حجره حتى قذفه فقاموا إليه فقالوا مالك يا ابا الحكم قال قمت لافعل ما قلت لكم البارحة فلما دنوت منه عرض لي دونه فحل من الابل لا والله ما رأيت مثل هامته ولا مثل صورته وانيابه لفحل قط فهم بي أن يأكلني.
وعنه صلى الله عليه وسلم
"ذاك جبريل لو دنا مني لاخذه" قال البوصيري:

وابو جهل اذ رأى عنق الف حل اليه كانه العنقاء