خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ
١٤٧
-الصافات

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وأرسلناه إلى مائة ألف } وهم أهل نينوي من أرض الموصل قبل أن يصيبه ما أصابه من دخول بطن الحوت وأرسل اليهم بعد خروجه منه وهم الذين فر عنهم وذلك قول الجمهور وقيل أرسل إليهم بعد الخروج منه وقيل أرسل إليهم ثانيا بعده وإلى غيرهم. وروي انهم أسلموا فطلبوه أن يرجع اليهم فأبى لأن النبي اذا هاجر عن قومه لم يرجع إليهم مقيما فيهم وقال لهم ان الله باعث فيكم نبيا وقيل أرسل اليهم بعد الخروج وقيل رجع إليهم وأقام فيهم وروي أنه لما عوتب بجزعه على الشجرة وعدم حزنه على قومه علم انه قد ابتلى فانطلق فاذا هو براعي غنم فقال له اسقني لبنا فقال ما هاهنا شاة لبنة فمسح على ضرع شاة فدرت فشرب من لبنها فقال الراعي من انت يا عبدالله فقال أنا يونس فانطلق إلى قومه فبشرهم فأخذوه فجاءوا معه إلى موضع الغنم فلم يجدوا يونس فقالوا انا قد شرطنا لربنا ان لا يكذب أحد إلا قطعنا لسانه فتكلمت الشاة بإذن الله وقالت شرب من لبني وقالت الشجرة قد استظل بظلي فطلبوه فأصابوه فرجع إليهم فكان فيهم حتى قبضه الله ولم يبق واحد منهم على كفر وقيل قال للراعي من أنت يا غلام قال من قوم يونس اذا رجعت فأخبرهم اني لقيت يونس فاقراهم السلام فقال من يشهد لي قال تشهد لك هذه البقعة وهذه الشجرة وهذه الشاة وأشار إلى شاة من غنمه فقال له الغلام مرهم بالشهادة فأمرهم فقالوا نعم فأدى الرسالة إلى ملكهم فمضى بقومه إلى البقعة فشهدت لهم هي والشاة والشجرة فأخذ الملك بيد الغلام فأجلسه في مجلسه وقال أنت أحق مني بهذا المكان فأقام لهم الغلام أمرهم أربعين سنة ومضى يونس ونزل في قرية ليلا فأضافه رجل صاحب فخار فأوحى الله اليه أن مره بكسر فخاره فأمره فلم يسمع منه وشتمه وقال عملته بيدي لأعيش به وعيالي فبكى يونس فأوحى الله اليه أن هذا عمل ففخارا من طين لم تطب نفسه بكسره وأنت طبت نفسا بكسر مائة الف أو يزيدون وهبط واديا فلما جاء الملك وقومه المجيء المذكور وأخبرته الشاة والشجرة والبقعة أخبرته الشاة ان أردتم يونس فاهبطوا إلى الوادي فهبطوا فإذا يونس فانكبوا على رجليه يقبلوها وسألوه أن يدخل معهم المدينة فامتنع وألحوا فأخاب فأتوه بعجلة من فضة فأجلس فيها فتمثل له جبريل عاضا على سبابته يناديه لا تجلس عليها فمشى على رجليه في الأرض ولبث في المدينة أربعين ليلة مع أهله وولده ثم خرج هو والملك سايحين حتى ماتا.
{ أو يزيدون } أو للشك مصروفا إلى الرأي أي يشك من رآهم أهم مائة ألف أم يزيدون هذا ما يظهر لي وهو قول نصوا عليه والمراد الوصف بالكثرة وهو قول المبرد وكثير من البصريين وذكره ابن جني كما قال ابن هشام وقال ابن الشجري عن سيبويه هي للتخيير أي إذا رآهم الرأي تخير بين أن يقول هم مائة الف أو يقول هم اكثر. قال ابن هشام وفي ثبوت هذا عن سيبويه نظر ولا يصح التخيير بين شيئين الواقع احدهما. قلت وعلى المشهور من أشراط تقدم الطلب في التخيير قد انتفى هذا الشرط وأما ما استشكله ابن هشام فالجواب عنه أن التخيير بين ان يقول كذا أو يقول كذا ولم يقع أحد القولين وقال الفراء أو للاضراب أي بل يزيدون قال هكذا جاء في التفسير مع صحته في العربية وهو قول عن ابن عباس وروى عنه انه فرائل يزيدون وصححه بعضهم وقال بعض الكوفيين بمعنى الواو وقرأه جعفر بن محمد ويزيدون بالواو وقال بعض البصريين للايهام وجملة هذه الاقوال في
{ وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب } إلا القول بأنها بمعنى الواو وجملة يزيدون من العطف على المعنى أي أرسلناه إلى جماعة يبلغون مائة الف او يزيدون وقيل نعت لمعطوف محذوف أي أو جماعة يزيدون وبحث فيه الصبان بأن الموصوف بالجملة المحذوف ليس بعض اسم مجرور بمن او في واختلف في هذه الزيادة فقيل هي عشرون الفا وهي رواية أبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذا قال ابن عباس وقيل يزيدون بضعا وثلاثين ألفا وقيل سبعين ألفا.