خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَٱلأَرْضُ جَمِيعـاً قَبْضَـتُهُ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ وَٱلسَّمَٰوَٰتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ
٦٧
-الزمر

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَمَا قَدَرُواْ اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ } أي ما عظموه حق عظمته حيث أشركوا به غيره وما عظموه في قلوبهم حيث وصفوه بما لا يليق وقرئ بتشديد الدال الأولى.
قال ابن عباس: نزلت في قريش مع الآيات قبلها، وقال في قوم من اليهود تكلموا في صفات الله فألحدوا وجسموا وأتوا بكل تحليط، وقيل في رجل من أهل الكتاب أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا أبا القاسم بلغك أن الله سبحانه يحمل الخلايق على أصبع والأرضين على أصبع والشجر على أصبع فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه فنزل ذلك رداً عليهم حيث اعتقدوا ذلك على ظاهره ونزل
{ وَالأَرْضُ جِمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ } أي قادر على ذلك كقدرة أحدنا على ما يحمل بأصبعه فخاطبنا بما نتخاطب به لنفهم وقيل قال جبريل يا أبا القسام ان الله يمسك السموات يوم القيامة على أصبع والأرضين على أصبع والجبال على أصبع والشجر والأنهار على أصبع والثرى على أصبع وسائر الخلق على أصبع ثم يهزهم فيقول أنا الملك فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجب مما قال وقرأ تصديقاً لما قال { وَمَا قَدَرُواْ اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ } أما ضحكه ففرح باطلاعه على أن المقصود التمثيل للقدرة القاهرة وانه لا أصبع ولا كف وهذا كما تقول: (شابت لمة الليل) كناية عن ظهور الصبح لبياضه كالشيب ولا رأس لليل ولا شعر ولا لمة وانما ذلك تخييل وكثير من كلام الله ورسله على هذا فينزل به الجاهلون بعلم الاستعارة والكناية أو ضحك استهزاء بمن فهم ذلك على ظاهره بأن قد سمع ذلك قبل وفي رواية (ضحك حتى بدت نواجذه).
وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يطوي الله السموات يوم القيامة ثم يأخذهم بيده اليمنى ثم يقول أنا الملك الجبار أين الجبارون أين المتكبرون ثم يطوي الارضين بشماله ثم يقول أنا الملك أين الجبارون أين المتكبرون؟ وفي رواية يقول أنا الله ويقبض أصابعه ويبسطها ثم يقول أنا الملك أين الجبارون أين المتكبرون وفي رواية يقول: "أنا الله ويقبض أصابعه ويبسطها أنا الملك" وفي رواية يقبض الأرضين يوم القيامة وتكون السموات بيمينه ويقول أنا الملك وفي رواية يقبض الارض ويطوي السماء بيمينه ثم يقول أنا الملك أين ملوك الأرض ولقد عظم عندي جهل بعض قومنا القائلين أنه يجب علينا أن نقف في ذلك بلا تكييف ونؤمن به مجملاً.
والحق عندنا معشر الاباضية أنه يجب تأويل ذلك بالقدرة على من خطر له وصفه بذلك أو سئل ولم يدر التأويل ويقول:
{ { ليس كمثله شيء } ومن وصفه بذلك لظاهر القرآن وحمله على الحقيقة نافق؛ وقيل أشرك فان اليمين والشمال والجهة من صفات الخلق ولا سيما ما في الشمال من النقص والضعف بل ذلك كله كناية عن القدرة والهون كما يقدر أحدنا على قبض شيء بأصبعه أو يده ويهون عليه والكناية من باب المجاز؛ وقيل: لا حقيقة ولا مجاز وبسطتها في شرحي على شرح عصام الدين والمراد بالأرض الأرضون لان المقام للتفخيم ولمقابلتها بالسموات وللتقوية بجميعها ولو احتمل أن يكون تقوية لادخال أجزاء هذه الارض ما بدا وما خفي و (جميعاً) حال من (قبضته) أو من ضمير مستتر لانها بمعنى مقبوضة والقبضة مرة من القبض أما تسميته بالمصدر أو بمعنى المقبوضة كالقبضة بضم القاف أو تقدير مضاف أي ذات قبضة وجاء الحال منه على هذا الحذف الاضافة أو لان يعني أن الأرضين يبلغن قبضة واحدة من قبضاته أي قدراً قليلاً عنده كما تقول: (الجزور أكلة لقمان والقلة جرعته) و (يوم) متعلق بقبضته و (بيمينه) متعلق (بمطويات) وقرئ بنصب (قبضة) على الظرفية المكانية ولو كان محدوداً تشبيهاً بالمبهم فصاحب الحال ضمير الاستقرار في يمينه فان ذلك الظرف متعلق بمحذوف خبر وقرأ الحسن البصري (مطويات) بالنصب على الحال من ضمير الاستقرار فان يمينه حينئذ خبر وهذا قول الاخفش والفراء وابن مالك في التسهيل وشرحه، ومن منع تقديم الحال على عاملها الظرفي وهو جمهور البصريين عطف السموات على المستتر في (القبضة) لانها بمعنى المقبوضة والفضل موجود على الأرض ومطويات عندهم حال من السموات فلا تعطف على الارض لان الحال لا يجيء من المبتدأ فان عطف عليه فالحال من ضمير قبضته واختار ابن هشام مذهبهم والطي ضد النشر وخص اليمين لان طي الكتاب بها وقيل قبضته ملكه بلا مدافع ولا منازع وبيمينه قدرته وقيل مطويات بيمينه مغنيات بقسمه لأنه أقسم أن يغنيها وهذا القول الاخير ضعيف* { سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى } بعيداً بعداً شديداً* { عَمَّا يُشْرِكُونَ } أي عن الاشراك فما مصدرية أو عما يجعلونه له شريكاً فما اسم