خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلاَ يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ ٱلْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُواْ يَرْضَهُ لَكُمْ وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ مَّرْجِعُكُـمْ فَيُنَبِّئُكُـمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ
٧
-الزمر

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ إِن تَكْفُرُواْ } أي تشركوا { فَإِنَّ اللهَ غَنِىٌّ عَنكُمْ } أي عن ايمانكم والمراد غني عنكم في ذواتكم وما يصدر منكم لم يخلقكم جراً لمنفعة أو دفعاً لمضرة فانه الغنى المالك القاهر على الاطلاق والاحتياج نقص تعالى عنه فثبت أنه غني عما سواه بل أنتم المحتاجون اليه لاستضراركم بالكفر واستنفاعكم بالايمان { وَلاَ يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ } رحمة لهم لانه يوقعهم في المهلكة ولذلك وسع رحمته وكثر دلائل توحيده وكفر من كفر لسابقة علمه تعالى وتفريط ذلك الكافر وتركه الاستنفاع بالدلائل مع أنه لا يرضى له الله الكفر أي لا يحبه له أي لا يختاره له بل أنكره ونهاه ولكن كان كفره بارادة الله الأزلية فانه لا يعصي مغلوباً وقيل الارادة حقيقية فيما لم يقع والرضى فيما وقع وقد يستعمل هذا بدل هذا وقد بان لك أن المراد بالعباد الكفار والمسلمين وان الكافر للكافر غير مرضٍ لله أي غير محب له وان كان بارادته وذلك قول السلف.
وقال ابن عباس: المراد بالعباد من سبق في علمه أنه يؤمن كالملائكة والمسلمين فالمراد بالعباد الخصوص وعليه فمعنى لا يرضى لعباده الكفر لا يحبه لهم أو لا يريده.
كما أن الخطاب في (تكفروا) (وعنكم) للكفار في قول ابن عباس وأجازه غيره أن يكون عاماً ومن الناس من جهل وغوى وزعم أن الله يرضى الكفر لعباده الذين شقوا وفسر { لا يرضى لعباده الكفر } بأنه لا يرضاه للسعداء أما هذا التفسير على من لا يريده للسعداء ولا يحبه لهم فمقبول لا بأس به وأما أن يقول: (رضي الله الكفر للذين شقوا) أي (أحبه لهم) فمنكر بل اراده فى علمه أي سبق علمه به. هذا مذهبنا به معشر الأباضية { وَإِن تَشْكُرُواْ } أي تؤمنوا وتعملوا صالحاً أي تستعملوا قلوبكم فيما خلقتها له وهو الايمان وجوارحكم فيما خلقتها له وهو الاقرار والعمل* { يَرْضَهُ لَكُمْ } لانه سبب فلاحكم يثيبكم عليه وذلك في الخطاب عام ويحتمل الخصوص تبعاً لما قبله.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"من قال رضيت بالله رباً وبالاسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً وجبت له الجنة" . بمعنى أن هذا من أسباب السعادة لا موجب للسعادة بمجرده والهاء راجعة للشكر المفهوم من (تشكروا) ويشبع ضمها مراعاة لتحرك ما قبلها فى رواية عن نافع وعن أبى عمرو وكذا قرأ ابن كثير والكسائى وخلف وورش وابن ذكوان وابن محيض وابن وردان وحمزة ويعقوب وحفص وهشام وغيرهم وروي عن السوسي وهشام وشعبة وغيرهم اسكانها* { وَلاَ تَزِرُ } نفس* { وَازِرَةٌ وِزْرَ } نفس* { أُخْرَى } أي لا تذنب نفس ذنب أخرى أي لا تؤاخذ به ولا تحمله { ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ } أي رجوعكم كائن الى ربكم فالمرجع هنا مصدر ميمي أي ترجعون اليه في الآخرة* { فَيُنَبِّئُكُم } أي يخبركم* { بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } في الدنيا فيجازيكم { إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ } أي بصاحبة القلوب أي بالأشياء التى فى القلوب أو بنفس الصدور كما تقول انه عالم بذلك البيت أي بأحواله وأحوال الصدور ما فيها ولا يخفى عليه خافية من أعمالكم