خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَهِنُواْ فِي ٱبْتِغَآءِ ٱلْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً
١٠٤
-النساء

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَلا تَهِنُوا فِى ابْتِغَآءِ القَوْمِ }: لا تضعفوا فى طلب القوم المشركين لتقتلوهم، لما مضى أبو سفيان وأصحابه من أحد الى مكة، بعث النبى صلى الله عليه وسلم فى أثرهم أصحابه، فشكوا من آلام الجراح، فنزلت الآية، وقيل: نزلت فى بدر الصغرى، وذلك "أن أبا سفيان لما انصرف من أحد الى مكة، نادى: يا محمد موعدنا موسم بدر القابل ان شئت، فقال صلى الله عليه وسلم: ان شاء الله، فلما كان القابل ألقى الله الرعب فى قلبه فندم على ما قال، فبعث نعيم بن مسعود مخوفا يقول: ان الناس قد جمعوا لكم، وقد وجد المؤمنين يتجهزون فثبطهم، فقال صلى الله عليه وسلم: لأخرجن ولو وحدى " ومر ذلك فى أواخر سورة آل عمران.
{ إِن تَكُونُوا تَألَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأَلَمُونَ كَمَا تَألَمُونَ وَتَرجُونَ مِنَ اللهِ مَا لا يَرْجُونَ }: ان تكون تتوجعون بما أصبتم به فليهن عندكم الأمر، لأنكم لم تختصموا بالألم اذ توجع القوم المشركون بكم كما توجعتم، وقد فقتموهم برجاء الجنة التى لا يرجونها اذ هم كفرة لم يؤمنوا بها، فضلا عن أن يعملوا لها، فينبغى لكم اذ ترجونها ان تكونوا أصبر منهم، وأجرأ فى الحرب، وقيل: ترجون الظفر وإعلاء دينكم على دين الكفر كله، وقيل: هذا والجنة.
وفى القولين بحث لأنهم أيضا يرجون الظفر وظهور دينهم وقد يجاب بأن المؤمنين يرجون الظفر واظهار دين الله رجاء حقيقا، لأنه بوعد الله بخلافهم فانهم يرجون الظفر واظهار دينهم بلا ثقة منهم، أو يجاب بأنكم ترجون أمرا نفيسا حقيق بالرجاء، بخلاف ما يرجون وقرأ الأعرج بفتح همزة ان على التعليل لتهنوا، أى لا تهنوا فى ابتغاء القوم، لأن تكونوا تألمون، فيكون قوله: { فَإِنَّهُمْ يَأَلَمُون } تعليلا محضا للنهى من الوهن الذى يكون لكونهم يألمون، بخلاف ما اذا كسرت همزة ان فان قوله: { فَإِنَّهُمْ يَأَلَمُون } تعليل ساد مسد جواب الشرط، وقرىء يلمون كما يلمون بيائين فيهما الأولى للمضارعة والثانية بدل من همزة ألم، وأما قراءة من يبقى من القراء الهمزة ساكنة بلا قلب لها بما يجانس ما قبلها اذا كانت فاء الكلمة فمعلوم مطرد.
{ وَكَانَ اللهُ عَلِيماً }: بألمكم ورجائكم وسائر ضمائركم وبعملكم.
{ حَكِيماً }: فيما يأمر وينهى.