خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَـٰؤُلاۤءِ شَهِيداً
٤١
-النساء

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَـؤُلاءِ شَهِيداً }: كيف خبر لمحذوف أى كيف حال الكفرة، أو كيف حال اليهود والنصارى، أو كيف يكون حالهم، أو حال لمحذوف، أى كيف يصنعون؟ قال ابن عباس: الشهيد من كل أمة بنبيها، وكذلك أنت يا محمد شهيد على أمتك مؤمنها وكافرها، فهؤلاء: إشارة إلى هذه الأمة كلها، كما أن المراد بكل أمة: مشركو كل أمة وموحدوها، والاستفهام تهديد للعصاة وتوبيخ لهم، أو تقرير لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أى أقرر بما عندك فيهم، من الهول العظيم، تقريراً يضمن تهديداً لهم، قال ابن مسعود: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقرأ على القرآن فقلت: يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: إنى أحب أن أسمعه من غيرى. فقرأت عليه سورة النساء حتى جئت إلى هذه الآية { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَـؤُلاءِ شَهِيداً } قال: حسبك الآن" ويروى فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان، قال "أنا شهيد ما دمت فيهم" أو قال: "ما كنت فيهم" ، أى شهيد عليهم فى الدنيا، فأروى الشهادة يوم القيامة، وكذلك كان رسول الله صلى الله علية وسلم، كلما قرأ هذه الآية فاضت عيناه. قال عقبة بن عامر صلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - على قتلى أحد صلاته على الميت بعد ثمانى سنين، كالمودع للأحياء والأموات ثم طلع المنبر فقال: "إنى بين أيديكم فرط، وأنا عليكم شهيد وإن موعدكم الحوض وإنى لأنظر إليه مقامى هذا، وإنى لست أخشى عليكم أن تشركوا ولكن أخشى عليكم من الدنيا أن تنافسوها" فكانت آخر نظرة نظرها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعنى جئنا بشهيد: وجئنا بك اجيتناكم وأحضرناكم ومن كل متعلق بجئنا لا بمحذوف حال من شهيد بعده على الصحيح، لأن صاحب الحال المجرور بحرف غير زائد، لا تتقدم عليه حاله قياساً، وما ورد يحفظ فلا يخرج القرآن على ما لا يقاس، وجواب إذا محذوف دل عليه فكيف يصنع الكفرة أو اليهود والنصارى، أو كيف يكون حالهم، أو كيف حالهم، وإذا تعلق بما يصلح للتعلق من جوابها، مثل يكون ويصنع وإن لم يكن ما يصلح علق بما تضمنه الكلام، كعطفة الشأن إذا قدرنا كيف حالهم، وقيل المراد بالشهادة: الشهادة على كفر من كفر، وفساد اعتقادهم فى الموضعين وعلى هذا فهؤلاء كفرة الأمة دون مؤمنيها، وقيل: الإشارة إلى شهداء الأمم لأنه لو ذكر بلفظ الواحد، لكن قال من كلامه، فدل على { شهيداً } فالنبى صلى الله عليه وسلم { شهيداً } على شهداء الأمم بالصدق وعلى أمته صلى الله عليه وسلم، وقيل: الإشارة للمؤمنين من الأمة لقوله تعالى: { لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً } وجازت تعدية الشهادة بعلى، ولو كانت بخير لأن فيها مراقبة، وولاية على المشهود له.