خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ ٱلأَزِفَةِ إِذِ ٱلْقُلُوبُ لَدَى ٱلْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ
١٨
-غافر

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الأَزِفَةِ } أي يوم القيامة وسميت القيامة آزفة لأزوفها أي لقربها وقيل يوم الخطبة الآزفة وهى مشارفتهم دخول النار وعند ذلك ترفع قلوبهم فتلصق بحناجرهم فلا هي تخرج فيموتوا ولا ترجع الى مواضعها فيتنفسوا ويتروحوا ولكنها معترضة وقيل يوم الموتة الآزفة والمشهور الأول ولك أن تقدر المنعوت فى كل هكذا يوم الساعة الآزفة أو الطامة الآزفة* { إِذِ } بدل من يوم* { الْقُلُوبُ لَدَى } عند* { الْحَنَاجِرِ } الاحلاق صارت من شدة الهول والخوف حتى كانت عند الحلق فلا تخرج من الفم فيموتوا ولا ترجع لمواضعها كما مر* { كَاظِمِينَ } حال من محذوف هو عامله أي يفعل بهم ذلك كاظمين أو يعذبون كاظمين أو لدي القلوب لهم كاظمين ولهم متعلق بمحذوف معرفة نعت للقلوب أو ينكره لان (ال) فى القلوب للجنس أم من مضاف اليه محذوف منوي المعنى نابت عنه (ال) أي قلوبهم كاظمين ولهم متعلق بمحذوف معرفة نعت للقلوب أو ينكره لان (ال) في القلوب للجنس أو من مضاف منوي اليه محذوف المعنى نابت عنه (ال) أي قلوبهم كاظمين وجاء الحال من المضاف اليه لان المضاف جزؤه أو حال مقدرة من (هاء) أنذرهم أي وأنذرهم مقدرين الكظم أو ناوين أو منوياً لهم مقدراً لهم مقدرا لهم.
قال القاضي تبعاً للزمخشرى أو حال من القلوب وفيه مجيء الحال من المبتدأ وهو ضعيف أو حال من ضمير الاستقرار في (لدى) الراجع للقلوب ووجه جمعه جمع عامر ومذنب مع أن القلوب غير عاقلة انها وصفت بالكظم الذي هو من أفعال العقلاء كقوله
{ { رأيتهم لي ساجدين } وقوله { { فظلت أعناقهم لها خاضعين } وانها محل العقل والكظم رد الغيظ والجزع فى الصدر فقلوبهم ممتلئة غماً هذا أو جمعت صفتها ذلك الجمع لان أصحابها عقلاء فعوملت معاملتهم قيل فمعنى الآية انهم يطمعون فى رد ما يجدونه فى حناجرهم والحال تغالبهم* { مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ } أي من محب وقيل من قريب مشفق وقيل من محب مشفق { وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ } وجملة (يطاع) نعت (شفيع) قيل على المحل وهو الرفع لأعلى اللفظ وهو الجر بمن بواسطة العطف لأن (من) تدخل على الجمل وأجازه أبو حيان على اللفظ اغتفاراً في التابع بواسطة ما لا يغتفر فيه بلا نية ويطاع مستعاراً ليشفع فان الطاعة تكون لمن فوقك كما أن الشفعة تقبل ممن له فوقية والنفي منسحب على الشفيع والطاعة أي الشفاعة لان الشفعاء هم أولياء الله وليسوا بشافعين للكفار ولان لهم فضلا عن قبول شفاعتهم اذ لا يحبون ولا يشفعون الا من أحب الله ولان الشفاعة انما هى للسعداء زيادة فى الفضل وانما لم يكتف بقوله { ولا شفيع } كما قال الحسن (والله ما يكون لهم شفيع البتة) ليقوم انتفاء الموصوف وهو الشفيع مقام الشاهد على انتفاء الصفة وهى الطاعة لان الصفة لا تمكن بلا موصوف وكذا كما يقال لك (أكتب) وتقول (لا قلم لي أكتب به) أي تمكن الكتابة ولا قلم؟ وكيف تكون الشفاعة ولا شفيع؟ وذلك مبالغة فى انكار الشفاعة.
وأجاز أبو حيان فى البحر أن يكون النفى منسحباً على الصفة فقط آخذاً بظاهر النعت كما تقول (لا قلم لى أكتب به) وأنت تريد أن لك قلماً لا يكتب وذلك انهم لهم شفعاء في زعمهم وهم الأصنام ولا يشفعون لهم ولو طلبوا الشفاعة لهم لم يطاعوا وهو عندي جائز وصوب بعضهم الأول وواجبه والضمائر قيل (الظالمين) ان كانت للكفار فانما وضع لفظ (الظالمين) موضع المضمر للدلالة على اختصاص ذلك بهم وان علته هي ظلمهم كذا للقاضي وأقول ليس ذكره مخصصاً ولو قال لهم لأفاد الاختصاص نعم أفاد العلة وقيل هذه الآية كلها اعتراض بليغ فى الكلام