خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

لَخَلْقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَكْـبَرُ مِنْ خَلْقِ ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْـثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ
٥٧
-غافر

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ لَخَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ } مع عظمهن* { أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ } بعدد فئاتهم والمراد أنه أكبر فى الصدور وأما الله فلا تتفاوت الاشياء فى قدرته والآية متصلة بالجدال قبلها لان جدالهم فى آيات الله مشتمل على انكار البعث وهو أصل الجدال فحاجهم بما أقروا به خلق السموات والأرض مع عظمهن عن اعادة الانسان بعد موته وتحتمل الآية التوبيخ لهم بأن هذا الخلق العظيم لم يتكبر فكيف تتكبرون واللام للمبتدأ والخلق مصدر مضاف لمفعوله { وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ } كفار مكة* { لاَ يَعْلَمُونَ } لانهم لا يتفكرون لتوغلهم في التقليد واتباع الهوى فهم عمي والمسترشدون بصيرون فهؤلاء الذين لا يتفكرون كأنهم لا ينظرون السموات والأرض أي لا يرون بعضها ولا يعتقدون وجودها مع انهم راءون ومعتقدون وجودها فلم يستدلوا بها على توحيد خالقها، وقيل المراد (بخلق الناس) الدجال (وبأكثر الناس) اليهود المجادلون في أمره وفي الحديث "أنه ما بين خلق آدم وقيام الساعة أكبر من الدجال" أي أعظم فتنة وشوكة ولذلك كان يستعيذ من فتنته وأمان عينه اليمنى عوراء كعنبة طافية أى عالية وان كل نبي أنذر قومه به والله لا يرى ولا يحد ولا يوصف بالعين ولا بعورها وانه مكتوب بين عينيه كافر يقرأه كل مسلم وتتقدمه سنة تمسك السماء ثلث قطرها والأرض ثلث نباتها وثانية أكثر وثالثة تمسكان الكل فيموت البهائم وان من أشد فتنته أن يقول للاعرابى ان أحببت أباك وأخاك أفتعلم اني ربك؟ فيقول: نعم فيتمثل الشيطان بهما وانه ان خرج والنبى صلى الله عليه وسلم حي كفاه والله خليفة المؤمن وانه يقل الطعام يومئذ ويفقد ويجزى المؤمنين ما يجزى أهل السماء من التسبيح وروي تكفيهم سورة الكهف.
وروى البعض ويمكث أربعين سنة كالشهر وهو كالجمعة وهي كاليوم وهو كالساعة وروي كاضطرام السعفة في النار وروي يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيامكم هذه وانه تقدر له أوقات الصلوات موسعة ما بينهن وان اسراعه كالغيث وان من أدركه فليقرأ فواتح سورة الكهف يجز من فتنته وان عيسى صلى الله عليه وسلم ينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق يدركه عند باب لدي فيقتله وان معنى (ناراً) في رأي العين هى ماء في الحقيقة وماء هو نار تحرق وان من أدرك ذلك فليقع في ناره فانها ماء عذب بارد وانه ما أخبر نبى قومه بعوره الا نبينا صلى الله عليه وسلم وانه يجيء بمثل نار هي جنة وبمثل جنة هى نار وانه أهون على الله من أن يكون له جبل خبز ونهر ماء كما قيل ويأتيه الرجل يحسب أنه مؤمن فيتبعه لشبهاته ويدخل كل أرض الا مكة والمدنية تحرسهما الملائكة ينزل بسبخة المدينة فترجف المدينة ثلاثاً فيخرج اليه كل كافر ومنافق وانه يأتي من المشرق من خراسان الى المدينة وينزل دبر أحد فتصرفه الملائكة الى الشام وفيه يقتل ويتبعه أقوام كأن وجوههم المجان (المطرقة) أى الترسة في الصلابة ويتبعه من يهود أصبهان سبعون ألفاً عليهم (الطيالسة) وانه يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى ويقول أنا ربكم ومن قال أنت ربي فقد فتن ومن قال (ربي الله) فقد عصم ويجيء اليه خير الناس يومئذ فيقول أشهد انك الدجال الذي حدثنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول أتؤمنون انى ربكم ان قتلت هذا وأحييته فيقولون نعم فيفعل فيقول الرجل ما كنت فيك أشد بصيرة مني اليوم فيريد الدجال أن يقتله فلا يسلط عليه، وقد رآه تميم الدار في غاره وأخبره بمبعث النبي وموته فانتفخ حتى ملأه فرحاً فضربه ملك ورأى دابته ينبح جرو من بطنها يركله وكانوا يقولون انه ابن صياد اليهودي ورد بدخوله المدينة وولادته وهو بلاء للعباد أقدره الله على أشياء كالاحياء والاماتة باذن الله وزهرة الدنيا والخصب واتباع كنوز الأرض وأمره السماء بالامطار والأرض بالانبات فتفعلان ثم يعجز ويبطل أمره فلا يقدر على قتل الرجل مرة أخرى ويثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت وهو ثابت عند أصحابنا من أهل المغرب وأنكره بعض المشارقة وبعض المعتزلة وأكير الجهمية وأثبته المحدثون وقومنا ومن قبح منكره قبحه الله لانه ما أنكره الا لعدم ثقة المخبرين به ويقول انهم يكذبون على الصحابة وزعم الجبائى والمعتزلى وموافقوه من الجهمية وغيرهم انه يوجد وان ما يأتى به خيالات لا حقائق لها ولو كانت حقاً لتوضحت حتى تشابه معجزات الأنبياء فتقع الشبهة في الدين ورد بأنه لم يدع النبوة فيكون لك تصديقاً له بل يدعي الربوبية دعوى كاذبة لرؤيته وتجسمه وحده ونقصه وعجزه عن ازالة العور في عينيه وازالة كتابة كافر بين عينيه وانا تغبر به عوام لشدة الفاقة بخلاف أهل العلم والتوفيق فيزدادون يقيناً وقيل معنى موته أهون على الله من أن يكون له جبل خبز ونهر ماء انه أهون أن يجعل الله ذلك مضلاً للمؤمنين