خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِذْ جَآءَتْهُمُ ٱلرُّسُلُ مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ قَالُواْ لَوْ شَآءَ رَبُّنَا لأَنزَلَ مَلاَئِكَةً فَإِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ
١٤
-فصلت

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ إِذْ } متعلق بمحذوف حال من صاعقة عاد وثمود لان المضاف وهو (مثل) صالح للعمل لانه بمعنى مماثل لا نعت للصاعقة الاولى ولا متعلق (بأنذرتكم) لفساد المعنى نعم يجوز تعليقه بمحذوف معرفة نعت للثانية* { جَآءَتْهُمُ } عاد وثمود.
{ الرُّسُلُ مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ } أي من جميع جوانبهم أي اجتهدوا بهم من كل جهة وأعملوا كل حيلة مقبلين اليهم ومدبرين عنهم كما تقول (ضربته الظهر والبطن) وأنت تريد عمومه.
وقال الحسن: من جهة الزمان الماضي بالانذار عما جرى فيه على الكفار من الوقائع ومن جهة المستقبل بالتحذير عما أعد لهم في الآخرة.
وقال الثعلبي: جاءتهم الرسل من قبلهم وبعد وجودهم عمتهم الرسالة خبراً ومباشرة فذلك عبارة عن الكثرة واحاطة الرسالة بهم قبل وبعد وحضرة فلا يبحث بأنه كيف يأتيهم من بعدهم وكيف يلحقهم تقصير بهم وكيف يخاطبونهم
{ { إِنا بِما أُرسلتم بِه كَافِرُون } بل قد وصلهم خبر من قبلهم ومن بعدهم فذلك مجيء أخبرهم هود وصالح ودعوهم الى الايمان بهم جميعاً فالخطاب لهما ولمن أخبرهم به وقيل (بين أيديهم الرسل) أتى آباءهم ومن خلفهم الرسل اليهم وقيل بالعكس وقيل (من خلفهم) بعد اكتمال اعمارهم وبعد تقدم وجودهم في الزمان* { أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللهَ } أي بأن لا تعبدوا الا الله فان مصدرية وان جعلتها مفسرة لم تقدر حرف الجر وعلى المصدرية فهى خفيفة ناصبة ولا نافية أو مخففة واسمها ضمير الشأن محذوفاً ولا ناهية* { قَالُواْ لَوْ شَآءَ رَبُّنَا } ارسال الرسل أو دعوة الخلق* { لأَنزَلَ مَلآَئِكَةً } رسلاً دعاة لا بشراً فلستم برسل* { فَإِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ } أي كافرون بما أرسلتم به في زعمكم فاثبات الارسال مقيد عندهم بزعم الأنبياء لا اقرار به أو المراد التهكم كقول فرعون { { ان رسولكم الذي أرسل اليكم لمجنون } وروي ان أبا جهل قال في ملأ من قريش قد التبس عليكم أمر محمد فلو التمستم رجلاً عالماً بالشعر والكهانة والسحر فيكلمه ثم أتانا ببيان عن أمره فقال عتبة أنا عالم بذلك لا يخفي عليّ جاءه فقال يا محمد أنت خير أم هاشم أنت خير أم عبدالمطلب أنت خير أم عبدالله؟ فيم تشتم آلهتنا وتضللنا؟ ان أردت الرياسة عقدنا لك اللواء وكنت رئيساً ما بقيت وان كان بك شدة الشهوة زوجناك عشر نسوة تختارهن من قريش وان أردت المال جمعنا لك ما يغنيك وعقبك وهو ساكت ولما فرغ قرأ { { حم } الى { { صاعقة عاد وثمود } فأمسك على فيه كما مر فاحتبس في بيته ولم يخرج لقريش وقالوا انه قد صبأ فجاءوا فقالوا ما حبسك الا انك صبوت فغضب وأقسم ألا يكلم بهذا أبداً ثم قال والله لقد كلمته فجهلني بما ليس شعراً ولا كهانة ولا سحراً ولما بلغ { { صاعقة عاد وثمود } أمسكت فاه وناشدته بالرحم وقد علمتم انه اذا قال صدق فخفت نزول العذاب.
وروي أن أبا جهل لما احتبس عتبة قال قد صبأ وأعجبه طعام محمد لفاقة هو فيها فانطلق بقومه اليه وقالوا ذلك وانا نجمع لك مالا يغنيك وعقبك فغض وقال: لقد علمتم اني من أكثر قريش مالا وذكر ما مر وقيل ان عبتة سيد حليم في قومه جلس يوما بنادي قريش ورسول الله جالس وحده في المسجد فقال يا معشر قريش ألا أقوم اليه فأكلمه وأعرض عليه أموراً فلعله يقبل بعضاً ويكف عنا وذلك حين أسلم حمزة ورأوا أن أصحابه صلى الله عليه وسلم يزيدون ويكثرون؟ قالوا بلى يا أبا الوليد فقال: له يا ابن أخى انك حيث علمت من البسطة في العشيرة والمكان في النسب وأتيت قومك بأمر عظيم فرقت جماعتهم وسفهت أحلامهم وعبت آلهتهم وكفرت بمن مضى من آبائهم فاستمع أعرض عليك أموراً تنظر فيها فقال صلى الله عليه وسلم قل يا أبا الوليد فقال ان كنت تريد مالا جمعنا لك من أموالنا ما تكون به أكثرنا مالاً يا ابن أخى وان أردت شرفاً سودناك علينا وان كان هذا الذي بك رئيا أي جناً لا تستطيع رده طلبنا لك الطب وقال غير ذلك حتى فرغ فقال صلى الله عليه وسلم: أقد فرغت يا أبا الوليد قال نعم قال فاسمع مني قال
"قل بسم الله الرحمن الرحيم { حم كتاب فصلت }" ومضى فيها وهو ناصت ملقيا يديه خلف ظهره معتمدا عليهما يستمع حتى انتهى الى السجدة فسجد قال أسمعت يا أبا الوليد فأنت وذاك فقام عتبة الى أصحابه فقال بعضهم لبعض نحلف بالله لقد جاءكم بغير الوجه الذي ذهب به فلما جلس اليهم قالوا ما رواءك قال ما ورائى اني قد سمعت قولاً والله ما سمعت بمثله قط ما هو بشعر ولا بسحر ولا كهانة يا معشر قريش اطيعونى خلوه وما هو فيه فوالله ليكونن لقوله الذي سمعت منه شأن فان يصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم وان يظهر على العرب فملكه ملككم وعزه عزكم وأنتم أسعد الناس به قالوا سحرك والله بلسانه قال هذا رأيي لكم فاصطنعوا ما بدا لكم