خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

تَكَادُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ وَٱلْمَلاَئِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي ٱلأَرْضِ أَلاَ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ
٥
-الشورى

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ تَكَادُ السَّمَاوَاتُ } بالياء عند نافع والكسائى وقرأ غيرهما بالتاء المثناة فوق* { يَتَفَطَّرْنَ } يتشققن من عظمة الله عز وجل قيل يدل عليه مجيئه بعد { { الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ } وقيل من ادعائهم له ولداً وهو مطاوع (يتفطر) بالتشديد فهو أبلغ ولابلاغه في قراءة أبي بكر وأبي عمرو (ينفطرن) بالنون مطاوع (فطر) بالخفة وحكى يونس عن ابن عمر تتفطرن بتائين التاء الأولى تاء المضارعة والتأنيث قيل وهذا التأنيث توكيد للنون فذلك تأكيد للتأنيث وهو غريب للجمع بين أداتي التأنيث وهما التاء والنون ومثله ما في نوادر ابن الاعرابي: الابل تشممن { مِن فَوْقِهِنَّ } (من) للابتداء أي يبتدئ الانفطار من جهتين الفوقانية وهي العرش والكرسي وصفوف الملائكة المرتجة بالتسبيح والتقديس جعل كلمة الكفر مؤثرة في ذلك الفوق وبالأولى أن تؤثر في التحت ففي ذلك مبالغة ومعنى السموات في { يَتَفَطَّرْنَ } من عظمة الله وقيل المراد بفوقهم ما علا منهن وهو السماء السابعة وقيل من فوقهن تنشق كل واحدة فوق التي تليها والضمير على ذلك كله للسموات وقيل الضمير للارض في قوله وما في الأرض لارادة الجنس بها وقال الاخفش علي بن سليمان: الضمير لجماعات الكفار والفرق الملحدة أي من فوق الجماعات على حذف مضاف أي من فوق قوله:
{ وَالْمَلآَئِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ } أي مع حمد ربهم وقيل يصلون بأمر ربهم فالباء على الاولى للمصاحبة أي ينزهونه عما لا يليق به ملتمسين بحمدهم اياه والمصدر مضاف لمفعوله أي حامدينه وعلى الثاني للتعددية وان جعلت الحمد مضافاً للفاعل كما في الثاني وأبقي الحمد على أصله أي بما حمد به نفسه فهى للاستعانة.
{ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي الأَرْضِ } أي من المؤمنين بدليل
{ { ويستغفرون للذين آمنوا } } { { فاغفر للذين تابوا } الخ فوصف الذين استغفر الملائكة لهم وهو بموجب الاستغفار وهو الايمان والتوبة واتباع السبيل وبدليل أولئك عليهم لعنة الله والملائكة ولا يستغفرون لمن يلعنون فانما يستغفرون لأولياء الله ولاحظ في استغفارهم للمشرك والمنافق الموحد غير التائب وهو مذهب السدي في المشرك في تفسير الآية وقال فرقة المراد من في الارض عموماً لكن نسخ بقوله { { ويستغفرون للذين آمنوا } قلت ضعيف لان الاخبار لا يدخله النسخ الا نسخ اللفظ ولان الحمل على عدم النسخ والتقييد بقيد مذكور في آية أخرى مثلاً أولى وقالت فرقة بعموم الآية والاستغفار للكافر طلب الهداية له وهي سبب الغفران وقيل بالعموم والمراد بالاستغفار طلب الرزق وقيل أن لا يعاجلهم بالعقوبة على حد { { إِنَّ ٱللَّهَ يُمْسِكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ } الى { { حَلِيماً غَفُوراً } } { { وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم } وقيل الاسباب المقربة للطاعة كالالهام ولا شفاعة للكافر ووجه اتصال ذلك بقوله { يَتَفَطَّرْنَ } انه (يتفطرن) هيبة من جلاله وملائكته يداومون على العبادة والتسبيح والتحميد والاستغفار لمن في الارض خوفاً من سطواته عليهم أو انهم (يتفطرن) اقدام المشرك الكافر على تلك الكلمة الشنعاء والملائكة يوحدونه وينزهونه عما يصفه المشرك به ويحمدونه على لطفه بهم ويستغفرون لمؤمني أهل الأرض المتبرئين من تلك الكلمة ومن أهلها أو يطلبون من ربهم أن يحلم عن أهل الأرض ولا يعاجلهم حرصاً على النجاة وطمعاً في التوبة.
{ أِلآَ إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَفُورُ } لأوليائه* { الرَّحِيمُ } بهم وذلك اخبار باجابته لدعائهم واستغفارهم كأنه قال استغفروا واسترحموا ففعلت بأن رزقت الناس حلمت عنهم وهديت من هديت ومحوت ذنوب المؤمن وقبلت شفاعتهم له ورحمت الكل رحمة دنويتى والمؤمن أيضاً برحمة الآخرة لاني عظيم الغفران والرحمة قطعاً وتحقيقاً ولا مثل لي فيها وذلك تقرير للعظمة.
وقال القاضي: ان فسرنا الاستغفار بالشفاعة للمؤمن وبالمعنى العام له ولغيره فالآية تقرير لعظمته وان فسرناه بالحلم عنهم فهى دلالة على تقدمه عما نسب اليه وان عدم المعالجة بالعذاب على تلك الكلمة الشنعاء باستغفار الملائكة وفرط غفران الله ورحمته ولك أن تقول المراد بالاخبار باجابة الدعاء فيما طلبوا من الغفران وبزيادة الرحمة.