خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَوَصَّيْنَا ٱلإِنسَانَ بِوَٰلِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَٰلُهُ ثَلٰثُونَ شَهْراً حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِيۤ أَنْ أَشكُرَ نِعْمَتَكَ ٱلَّتِيۤ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَٰلِحاً تَرْضَٰهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِيۤ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ
١٥
-الأحقاف

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ } صار كهلاً واستحكمت قوته وعقله وهو ثلاثون سنة وقيل أن يزيد على الثلاثين ويناطح الأربعين.
وقال قتادة: (ثلاث وثلاثون) سنة وذلك أول الأشد وغايته أربعون وقيل ما بين ثمانى عشرة سنة الى أربعين قيل وأقوى الأقوال في الاشد ست وثلاثون سنة { وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً } قيل لم يبعث نبى الا بعد أربعين لانها حد للانسان في فلاحه ونجابته وفي الحديث
"ان الشيطان يجر يده على وجه من زاد على الاربعين ولم يتب فيقول بأي وجه لا يفلح وانه اذا بلغ أربعين أمنه الله من الجنون والجذام والبرص فاذا بلغ خمسين خفف الله عنه الحساب فاذا بلغ الستين رزقه الله الانابة لما يجب فاذا بلغ سبعين غفر له ما تقدم وما تأخر وشفع في أهل بيته ونادي المنادى من السماء هذا أسير الله في أرضه وهذا في المقبل على آخرته المشتغل بطاعة ربه اذا تقبل منه" والآية في سعد بن أبى وقاص وقيل على العموم وقال ابن عباس في أبي بكر وهو الصحيح. صحب رسول الله وهو ابن ثماني عشر سنة ورسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عشرين الى الشام في تجارة فنزل رسول الله في ظل سدرة ومضى أبو بكر الى راهب هنالك يسأله عن الدين فقال من الرجل الذي في ظل الشجرة فقال محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب فقال له هذا نبي والله ما استظل تحتها أحد بعد عيسى الا محمدا نبي الله وصدقه أبو بكر فكان لا يفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ولا حضر فلما بعث على الاربعين وأبو بكر ابن ثمان وثلاثين أظهر الاسلام ولما بلغ الاربعين دعا ربه كما قال*
{ قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي } الهمني* { أَنْ أَشْكُرَ } أي لأن أشكر أو الى أن أشكر وقيل أوزعن ادفع عني الموانع أو بمعنى اجعل حظي الشكر والأول لابن عباس*
{ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ } أي أبي وأمي بتشديد الياء وفيها ياء التثنية وياء الاضافة والرابط محذوف أي أنعمتها وتقديره أنعمت بها مرجوح لعدم جر الموصول بمثل هذا الجار والنعمة التوحيد وغيره وقيل: التوحيد قيل: ذلك يؤيد قول ابن عباس على ان الآية نزلت في أبي بكر أسلم أبواه جميعاً ولم يجمع لأحد من المهاجرين أبواه غيره. قال ابن عباس: النعمة التوحيد قيل: لما بلغ أربعين بعد سنتين من مبعث النبي صلى الله عليه وسلم آمن به أبواه ولم يكن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلم هو وأبواه وأولاده وبناته كلهم الا أبا بكر.
قلت ذكر الثعالبي ان كونها نزلت في أبي بكر وأبويه ضعيف لانها بمكة وأبوه أسلم عام الفتح وانما طلب الشكر على نعمة الله على والديه لان النعمة عليهما نعمة عليه*
{ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ } قال ابن عباس: الصلوات الخمس قال: أجاب الله دعاه فأعتق تسعة من المؤمنين يعذبون في الله منهم بلال ولم يرد شيئاً من الخير الا أعانه الله عليه) وقيل أراد عموم العمل الصالح والتنكير للتعظيم أو لانه أراد نوعاً من الجنس يستجلب رضى الله ودعا الله أيضاً*
{ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي } أي اجعل ذريتي موقعاً للصلاح ومظنة له كأنه قال هب لي الصلاح في ذريتي وأوقعه فيهم.
قال ابن هشام أصلح مضمن معنى فعل قاصر يتعدى بفي وهو (بارك) فتعدى بفي كقوله*

وان تعتذر بالمحل من ذي ضروعها الى الضيف يخرج في عراقيبها النصل

فانه أخرج (متعد) وضمن معنى يعشو فلزم وجعل ابن الحاجب الفعلين منزلين منزلة اللازم على طريق فلان يعطى اذا لم يكن الغرض بيان ما يعطي ومن يعطيه كأنه قيل بفعل الاعطاء والمنع واذا قصد هذا المعنى وقصد ذكر خوض متعلقة أتى بفي كأنه محل له أو أوقع الصلاح في ذريتى ويوجد نصلي في عراقيبها اخراج الجرح وفي { { وهزي إليك بجذع النخلة } من الكشاف ما يوافقه.
ويروى بخرج بالجيم قبل الراء وبالمهملة بعدها وضمير تعتذر للناقة والمحل انقطاع المطر وذي الضروع اللبن والعراقيب جمع عرقوب بالضم وهو في رجل الدابة بمنزلة الركبة في يدها وهو عصب غليظ أجاب الله دعاءه فآمن أولاده كلهم عبدالرحمن وابن عبدالرحمن وابن ابن عبدالرحمن أبو عتيق محمد وآمن أبوه أبو قحافة عثمان بن عمرو وأمه أم الخير بنت صخر ابن عمرو وأدركوا كلهم النبي وآمنوا ولم يجتمع لأحد من الصحابة مثل ذلك سواه.
قال بعض لم يكفر منهم أحد هو وأبواه وأولاده وبناته* { إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ } الى ما تحب*
{ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ } الخاضعين لك بالقلب والجوارح واللسان