خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمَن لاَّ يُجِبْ دَاعِيَ ٱللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي ٱلأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءُ أُوْلَـٰئِكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ
٣٢
-الأحقاف

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَمَن لاَّ يُجِبْ دَاعِيَ اللهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ } بفائت الله بهربه*
{ فِي الأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ } أي الله* { أَوْلِيَآءُ } أنصار من عذابه* { أُوْلَئِكَ } الذين لم يجيبوا داعي الله* { فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } اذ أعرضوا عن اجابة من هذا شأنه هذا تمام كلام الجن المنذرين لقومهم ويحتمل أن يكون تمامه (أليم).
وروي ان الجن لما رجموا بالشهب قالوا انما هذا لنبأ حدث فبثهم ابليس ليعرفوا الخبر وأول من بعث سبعة نفر أو تسعة من أشراف جن نصيبين أو نينوى منهم زوبعة وهم أكثر الجن عدداً وهم عامة جنود ابليس وهم مزمنية فبلغوا تهامة ثم الى نخلة فوافقوه يصلي في الليل وقيل الفجر فاستمعوا لقراءته وقالو هذا ما حال بيننا وبين خبر السماء وذلك عند انصرافه من الطائف كما مر.
قال ابن جبير: ما قرأ على الجن ولا رآهم ولكن مروا به فاستمعوا فأخبره الله. وذكر الزمخشرى والثعالبي في السير وغيرهما ان بعضهم قال انه أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينذر الجن ويقرأ عليهم فصرف اليه نفراً منهم جمعهم له فقال لأصحابه أمرت أن أقرأ على الجن فمن يتبعنى منكم فأطرقوا وأعاد ثانياً وثالثاً فأجابه ابن مسعود قال: لم يحضر معه غيري انطلقنا الى شعب الحجون فخط لي خطاً وقال لا تخرج منه حتى أرجع وذهب فافتتح القرآن وسمعت لغطاً شديداً حتى خفت عليه وغشيه أسودة كثيرة حتى لا أراه ولا أسمعه ثم ذهبوا كقطع السحاب فرغ منهم مع الفجر فجاءني فقال لي: نمت فقلت: لا والله يا رسول الله لقد هممت مراراً أن أستغيث بالناس حتى سمعتك تقرعهم بعصاك تقول لهم اجلسوا فقال لو خرجت لم آمن أن يتخطفك بعضهم وهل رأيت شيئاً قال رجالاً سوداً في ثياب بيض فقال أولئك جن نصيبين وكانوا اثني عشر ألفاً والسورة التي قرأها عليهم
{ { اقرأ باسم ربك } وعن جابر انه قرأ عليهم (سورة الرحمن) واذ قرأ { { فبأي آلاء ربكما تكذبان } قالوا: لا بشيء من آلائك نكذب ربنا لك الحمد ولما ولت هذه الجملة تفرقت على البلاد منذرة للجن.
قال ابن مسعود: قال سألوني الزاد فمتعتهم بكل عظم حائل وروثة وبعرة ويروى بكل عظم ذكر عليه اسم الله فقيل حين وضعه وقيل حين الذبح والعظم لهم والروث والبعر لدوابهم فقالوا يقذرها الناس علينا فنهي أن يستنجى بالعظم والروث أي والبعر أو أراد بالروث ما يشمله أي أن يزال النجو بها وهو الحدث قال فقلت سمعت لغطاً شديداً فقال تحاكموا اليّ في قتيل قتل بينهم فحكمت بالحق قال فتبرز أي قضى حاجة الانسان وأتاني فقال هل معك ماء فقلت نبيذ التمر فصببت على يديه فتوضأ فقال (تمرة طيبة وماء طهور).
قلت حديث التوضي بنبيذ التمر ضعيف غير ثابت عندنا وعند كثير من قومنا ثم انه ان صح فما توضأ الا بعد ما استنجى أو لم يفرض على نفسه وغيره يومئذ الا الاستنجاء بالماء.
قال قتادة: قدم ابن مسعود الكوفة فرأى شمطاً من الزط ففزع ثم قال اظهروا فقيل قوم من الزط فقال ما أشبههم بنفر الجن المستمعين.
وعن علقمة قلت لابن مسعود هل صحبه منكم أحد ليلة الجن؟ قال لا لكن كنا معه في ليلة ففقدناه فالتمسناه في الاودية والشعاب فقلنا استطير واغتيل فبتنا شر ليلة وقال بعدما أصبح وجاء من قبل حراء قلنا: طلبناك فلم نجدك فبتنا شر ليلة قال أتاني داعي الجن فذهبت معه فقرأت عليهم قال فانطلق بنا فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم وسألوه الزاد فقال كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما يكون وكل بعرة علف لدوابكم فقال:
"لا تستنجوا بها فانها طعام اخوانكم من الجن " .
قال الشعبي: كانوا من جن الجزيرة. قال الثعالبي: اختلفت الروايات هنا هل هذا الجن هم الوفد والمتجسسون واختلفت الروايات.
عن ابن مسعود والتحرير ان النبي صلى الله عليه وسلم جاءه نفر من الجن دون أن يشعر بهم وهم المتجسسون من أجل رجم الشهب وهو المراد بـ
{ { قل أوحي إليَّ } الخ ثم وفد عليه وفدهم بعد ذلك قال وفي قولهم (انصتوا) تأدب مع العلم وتعليم كيف يتعلم.
وعن ابن مسعود لا يأتون على عظم أو روث بعد تزويد النبي لهما الا وجدوه لحماً أو تمراً.
وعن عون بن عبدالله بن عتبة بن مسعود خرجنا حاجين ومعتمرين حتى اذا كنا في الطريق هاجت ريح فارتفعت عجاجة من الارض حتى اذا كانت على رؤوسنا انكشفت عن حية بيضاء فنزلنا وقد تخلف صفوان بن المعطل فأبصرها فصب عليها من مطهرته وأخرج خرقة من عيبته فكفنها فيه ودفنها ثم أتبعنا، فلما جن الليل، اذا امرأتان تسألان، أيكم دفن عمرو ابن جابر؟ فقلنا: ما ندري من عمرو بن جابر! فقالتا ان كنتم ابتغيتم الأجر فقد وجدتموه، ان فسقة الجن اقتتلوا مع المؤمنين فقتل عمرو، وهو الحية التي رأيتم، وهو بقية النفر الذين استمعوا القرآن من محمد صلى الله عليه وسلم، ثم ولوا الى قومهم منذرين وذكر ان قوماً قالوا لابن مسعود رأينا في طريق الشام ريحاً مرتفعاً فانتهينا اليها فرأينا في مكانها حية قتيلاً فنزل بعضنا فكفنها في عمامة له ودفنها ولما نزلنا وجن الليل جاءت امرأتان وسلمتا علينا وقالتا أيكم دفن عمراً فقلنا ما دفنا اليوم رجلا قالتا بلى الحية قال نعم قالتا فان نويتم الأجر والآخرة فقد أصبتم اقتتل فسقة الجن ومسلموهم فقتل من بينهم والله انه لأحد النفر الذين استمعوا القرآن عند محمد صلى الله عليه وسلم