خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِذْ جَعَلَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ ٱلْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ ٱلتَّقْوَىٰ وَكَانُوۤاْ أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً
٢٦
-الفتح

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ إِذْ } متعلق يعذبنا أو (يصدوكم) أو مفعول بـ (أذكر)* { جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ } الحمية الأنفة والغضب وحمية الجاهلية هي التي تمنع الاذعان للحق ومقابلة الحمية على الحق وهي مأمور بها والذين كفروا هم الذين صدوا النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين عن البيت والهدي عن محله وانكروا بسم الله الرحمن الرحيم* وانكروا ان يكون محمد رسول الله (فقيل) الحمية الصد والانكار المذكور وقيل هي قول أهل مكة انهم قتلوا آباءنا وأبناءنا واخواننا فلا يدخلون علينا فيتحدث العرب أنهم دخلوا علينا على رغم أنوفنا واللات والعزى لا يدخلوها علينا وعن بعض أنه جعلها حمية جاهلية لأنها كانت منهم بغير حجة إذ لم يأت صلى الله عليه وسلم محاربا لهم { فَأَنزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ } اي الوقار الذي خلقه والطمأنينة التي خلقها* { عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ } لئلا يعجلوا فيخطئوا ولو قاتلوا بغير أمر الرسول لعصوا فيدخلون في الحمية المنهي عنها قيل بعثت قريش سهيل بن عمرو وحويطب ابن عبد العزى ومكرز بن حفص بن الأحنف على أن يعرضوا على النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع من عامه ويخلوا له مكة من القابل ثلاثة أيام فأرادوا الكتابة هم والنبي صلى الله عليه وسلم وانكروا كتابة البسملة وان محمدا رسول الله فهم المؤمنون ان يأبوا ويمتنعوا وانزل السكينة فتوقروا وحملوا كتابة بسمك اللهم وكتابة محمد بن عبدالله* { وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى } اختارها لهم وقرنها بهم وهي لا اله الا الله عند الجمهور وابن عباس وقال عطاء الخراساني لا اله الا الله محمد رسول الله وقيل ما انكره الكفار وهو بسم الله الرحمن الرحيم* ومحمد رسول الله وقال الزهري بسم الله الرحمن الرحيم وقال علّي وابن عمر لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير وقال الحسن الوفاء بالعهد وقيل الثبات واضافة الكلمة الى التقوى لأنها سبب التقوى وأساس التقوى ولأنها كلمة أهل التقوى أو لأنها تنبعث عن التقوى وروي الأول عن النبي صلى الله عليه وسلم* { وَكَانُواْ أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا } قيل الهاء في { أَلْزَمَهُمْ } والواو في (كانوا) للنبي وللمؤمنين وقيل للمؤمنين والضمير في (بها) للكلمة قيل التقدير أحق بها من كفار وينظر فيه بان الكفار (لا أحقية) لهم بها حتى يكون المؤمنين والنبي صلى الله عليه وسلم أحق منهم والظاهر ان { أَحَقَّ } خارج عن التفضيل كما يدل له قوله { وَأَهْلَهَا } فانه عطف تفسير ولا تفضيل فيها اللهم الا أن يراعى جانب الأمر من الله للكفار بالكلمة وأعطائه اياهم العقل ليقولها وقيل { أَحَقَّ بِهَا } من غيرها وقيل ان معنى { أَهْلَهَا } انهم أهلها في علم الله وقضائه لأنه اختار لدينه ونبيه أهل الخير والصلاح وفي مصحف الحارث بن سويد صاحب عبدالله بن مسعود (وكانوا أهلها وأحق بها) وقال بعضهم هي كذلك في مصحف ابن مسعود ولم يحك هذا البعض ذلك عن الحارث قلت لعلها في مصحفيهما جميعا كذلك والحارث هذا هو الذي دفن مصحفه في أيام الحجاج وعنه صلى الله عليه وسلم "اذا نادى المؤذن فتحت ابواب السماء واستجيب الدعاء فمن نزل به كرب أو شدة فليقل كما يقول واذا قال حي على الصلاة حي على الفلاح قال مثله ثم يقول رب هذه الدعوة الصادقة المستجاب لها دعوة الحق وكلمة التقوى احينا عليها وامتنا عليها وابعثنا عليها واجعلنا من خير أهلها أحياء وأمواتهم ثم يسأل حاجته تقض ان شاء الله" قيل وفي الحديث بيان كلمة { التَّقْوَى } على نحو تفسير الجمهور وفي صحيح مسلم انه يعوض على الحيلتين لا حول ولا قوة الا بالله بدل كل واحدة ورواه حديثا وصححوه والقولان في مذهبنا وثالث هو انه يجعل مثله كان في الولاية ويحوقل ان لم يكن اعني المؤذن فيها { وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيماً } فهو العالم بمصالح صلح الحديبية والكف عن القتال وبكونهم أحق بها وأهلها ورأى صلى الله عليه وسلم في النوم عام الحديبية قبل خروجه اليها انه يدخل مكة والمسجد هو واصحابه آمنين محلقين ومقصرين بن واخبر أصحابه ففرحوا واستبشروا وحسبوا انهم يدخلونها في عامهم وقالوا ورؤيا الرسول حق وقيل رأى انه وأصحابه دخلوها آمنين محلقين مقصرين وقيل رأى كأنه وأصحابه الخ والتشبيه اما لأن الرؤية في المنام أو لعدم تحقيقه الرؤيا والأول أولى ولما تأخر ذلك ارتاب بعض المنافقين وعن بعضهم قال عبدالله ابن أبيّ عبدالله ابن نفيل ورفاعة بن الحارث والله ما حلقنا ولا قصرنا ولا رأينا المسجد الحرام واين رؤياه التي رآها وشق ذلك على الناس كما مر فنزل { لَّقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا }