خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قُل لاَّ يَسْتَوِي ٱلْخَبِيثُ وَٱلطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ ٱلْخَبِيثِ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ يٰأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
١٠٠
-المائدة

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ قُلْ لا يَسْتَوِى }: فضلا عن أن يفوق.
{ الخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ }: عند الله المؤمن والمشرك، والمطيع والعاصى، والمال الحرام والمال الحلال، والمعصية والطاعة، والجهل والعلم، فالخبيث والطيب فى الآية على عمومهما، فالثواب عند الله للمؤمن على طاعته، واجتنابه لمعصيته، واجتنابه المال الحرام، ومنها العلم والعقاب للعاصى على عصيانه بشرك وغيره ان أصر عليه، ومنه أخذ المال الحرام عمداً وجهل فرضه.
وقال السدى: المعنى لا يستوى المشرك والمؤمن، ولو كثر المشرك، بل يعاقب المشرك ويثاب المؤمن.
وقال الكلبى وعطاء: لا يستوى الحلال والحرام، وقدم ذكر الخبيث لأن ما قبله أقرب الى الوعيد منه الى الوعد، لأن
{ { ما على الرسول الا البلاغ } و { { أن الله شديد العقاب } وعيد، ولأن أكثر الناس كافرون، وليكون أقرب الى قولك لا يصل الخبيث درجة الطيب كقوله تعالى: { لا يستوى أصحاب النار وأصحاب الجنة } ولا يتعين ذلك لمثل قوله تعالى: { قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون } فلكل تقديم وتأخير نكتة فى محله، وما وجب تقديمه أو تأخيره فوجوبه لنكتة.
{ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الخَبِيثِ }: هذا الخطاب لكل من يعجبه كثرة الخبيث على عموم البدل لا لرسول الله صلى الله عليه وسلم لأنها لا تعجبه، ولو وصيلة، ويجوز أن يكون الخطاب له على أن لو الملتقى على أصلها لا وصيلة، فيقدر لها جواب، أى ولو أعجبك كثرة الخبيث لكان أيضاً عند الله لا يساوى الطيب، ولا يؤثر عاقل المال الحرام ولو كثر.
قال جابر بن عبد الله:
" نزلت الآية فى رجل قال: يا رسول الله ان الخمر كانت تجارتى فهل ينفعنى ذلك المال ان عملت فيه بطاعة الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ان الله طيب لا يقبل الا طيباً " وهذا الرجل تاجر بالخمر بعد تحريمها، ولذلك كان مالها حراماً لا يجوز انفاقه فى وجوه البر طاعة، وقيل: نزلت الآية فى حجاج اليمامة لما هم المسلمون بهم.
{ فَاتَّقُوا اللهَ يَآ أُوْلِى الأَلبَابِ }: احذروا عقاب الله، والتهاون بحقه، أو كلام مثل هذا والله أعلم. وقيل بسبب رجل جاءه فقال: من أبى فيما أمركم به ونهاكم عنه يا ذوى العقول الخالصة فلا تؤثروا الخبيث ولو كثر على طيب ولو قل.
{ لَعَلَكُم تُفْلِحُونَ }: تفوزن عن الخبيث الدائم الى الطيب الدائم.