خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

لَّقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَآلُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ ٱلْمَسِيحَ ٱبْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً وَللَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
١٧
-المائدة

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ لَّقَد كَفَرَ }: أشرك.
{ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ المَسِيحُ ابنُ مَريَمَ }: نفوا الألوهية عن الله العزيز المنتقم، وأثبتوها لعبده عيسى وقالوا: لا إله إلا عيسى، وهم قوم من النصارى وهم اليعقوبية، وقيل والملكانية.
قال ابن عباس: ونصارى نجران على دين اليعقوبية، وسبق الكلام فى ذلك، وقيل: لم يصرحوا بذلك تصريحاً لكن لزم من كلامهم، وذلك أنهم قالوا: ان فى عيسى لاهوتاً، وقالوا: لا إله إلا واحد، فلزم على زعمهم أن يكون هو المسيح، كما نسبوا اليه أنه خالق محيى مميت، مدبر أمر العالم، فضحهم الله بلازم اعتقادهم، وزعم قوم منهم أن الله حل فى عيسى.
{ قُل }: يا محمد لهؤلاء النصارى ان كان ما تقولون حقاً.
{ فَمَن يَملِكُ مِنَ اللهِ شَيئًا }: أى فمن يطيق ويقدر أن يدفع عن عذاب الله شيئاً، فمفعول يملك محذوف تقديره: أن يدفع، ومن الله على حذف مضاف، أى من عذاب الله وشيئاً مفعول به ليدفع المقدر، ويجوز أن لا يقدر مفعول ليملك، بل مفعوله شيئاً ويقدر من أمر الله أى لا يملك أحد شيئاً من أمر الله، حتى انه لو جاء به الله لدفعه هو، ومن الله نعت شيئاً، ومن لازم الملك التصرف فى المملوك فلو ملك أحد شيئاً من أمر الله لتصرف فيه بالمنع اذا جاء، أو ضمن يملك معنى يمنع والاستفهام للنفى.
{ إِنْ أَرَادَ أَن يُهلِكَ المَسِيحَ ابنَ مَريَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِى الأَرضِ جَمِيعًا }: فلو كان عيسى الهاً لرد عن نفسه ما يكره اذا جاءه، كما يرد أحدنا باذن الله الشر اذا جاءه من عدوه، وانما ذكر أمه ومن فى الأرض جميعاً تنبيها على أن عيسى وأمه من جنس الناس لا تفاوت بينهما فى الانسانية، وكذلك لا مانع له اذا أراد سائر خلقه، ولكن ذكر ما فى الأرض لأنه المعروف عندهم عيانا.
{ وَللهِ مُلكُ السَّمَاوَاتِ والأَرضِ وَمَا بَينَهُمَا }: بين النوعين، ومن جملة ذلك عيسى فهو ملك لله تعالى.
{ يَخلُقُ مَا يَشَآءَ }: على الكيفية التى يشاء، مثل أن يخلق ما يخلق بلا أصل كالسماوات والأرض، وكالأرواح والظلمة، أو من أصل لا يجانس ما خلق منه كالسماوات والأرض على القول بأنهما من الماء، وكآدم والحيوان المتولد من التراب، أو من الثمار، أو من اللحوم، والطير من التراب على يد عيسى، أو من أصل يجانسه كحواء أنثى من ذكر، وكعيسى ذكراً من أنثى وحدها، وكسائر الناس من ذكر وأنثى، فهو الخالق لعيسى فى رحم أمه عليهما السلام بلا ذكر.
{ واللهُ عَلَى كُلِّ شَىءٍ قَدِيرٌ }: لا يعجزه ما أراد.