خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَآ أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّيۤ أَخَافُ ٱللَّهَ رَبَّ ٱلْعَالَمِينَ
٢٨
-المائدة

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ لَئِن بَسَطتَ إِلَىَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِى مَآ أَنَا بِبَاسطٍ يَدِىَ إِلَيْكَ لأَقتُلَكَ إِنِ أَخَافُ اللهَ رَبَّ العَالَمِينَ }: لم يبح الله فى ذلك الزمان لمن أريد قتله أن يدفع قاتله ويقتله، ولذلك قال حالفا: { مَآ أَنَا بِبَاسطٍ يَدِىَ إِلَيْكَ } وعلل ذلك بخوف عقاب الله على قتله لو قتله، وأكد نفيه لنفى ذلك عن نفسه رأساً، وبالباء كأنه قال: لست ممن يفعل مثل ذلك ما دمت حياً، ويحتمل أن يكون لم ينزل حينئذ وجوب الدفع ولا تحريمه، وقد علم هابيل بتحريم قتل النفس فتحرج فترك القتل، وقد وجب بعد ذلك على من أريد بسوء أن يدفع عن نفسه، ولو أردت المدافعة الى القتل أو قصد القتل من أول اذا كان الباغى لا ينتهى الا بالقتل، وحرم أن يسلم الانسان نفسه للقتل الباطل الا اذا أسر، ولا طاقة له.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم لمحمد بن مسلمة:
" ألف كمك على وجهك وكن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل أو كن عبد الله المظلوم ولا تكن عبد الله الظالم " فمعناه تمسك بالحق ولا تتعداه، ولو كان التمسك به يوصلك الى اجتماع الناس عليك، وتغلبهم عليك، حتى تقبض أسيراً تقتل، ولا تقدر على الدفع، فاستر وجهك وتسلم الى القتل، ولا تظلم الناس أو تقتلهم لتغلب فى الحق، فان الحق غير محتاج لذلك، أو ألق كمك على وجهك بمعنى اعرض عمن يقصدك بكلام سوء يظلمك به، واتركه يظلمك به ولا تظلمه أنت، ولو كان كلاماً عظيماً يبلغ بك مبلغ القتل حتى انه ليسمى قتلا.
وقال سعد بن أبى وقاص:
" يا رسول الله ان دخل على انسان فى الفتنة، وبسط الى يده؟ فقال: كن كخير ابنى آدم وتلا هذه الآية" .
وقال عبد الله بن عمر: ان هابيل كان أشد لكن منعه التحرج أن يبسط يده الى أخيه، وكذلك قال جمهور الناس، ولا يؤخذ من الآية كما قيل: انه لو كان أمر قابيل اشراكاً بالله لم يتحرج هابيل عن قتله، لأنه انما نزل قتال المشركين من أولاد قابيل وفاسقهم بعد، ولو كان الأمر كذلك أنه غير شرك لكن لم يؤخذ من الآية.