خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ
٥٥
-المائدة

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ إِنَّمَا وَلِيُّكُم اللهُ وَرَسُولُهُ وَالِّذِينَ آمَنُوا }: أكد ولاية الله ورسوله والمؤمنين بالجملة الاسمية، والحصر بانما، والحصر بتعريف المسند اليه والمسند، وانما أفرد الولى مع أنه كثير سبحان من لا يوصف بكثرة ولا قلة المؤمنون ورسوله والله، لأن الولاية بالذات انما هى لله، وأما ولاية الرسول والمؤمنين فبالتبع فبالاقرار اشارة الى أن الولاية له بالذات، ولو قال أولياؤكم لم يفد الكلام ذلك، ولأن الولى بوزن فعيل بمعنى فاعل قد يطلق على غير الواحد ليكون كالصهيل وما يشبهه التى بوزن فعيل المقيسة، والمصدر يطلق على الواحد وغيره بلفظ واحد، ومن ذلك نحو صديق وظهير من الأوصاف، نقول: هم صديق وهن صديق، والوجه الأول هو الراجح.
وقرأ ابن مسعود: انما مولاكم الله، والآية عامة، وقال جابر بن عبد الله بن سلام
"اذ جاء الى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع رهط ممن أسلم من بنى اسرائيل وقت الظهر، فقالوا: يا رسول الله ان قومنا قريظة والنضير قد فارقونا وأقسموا أن لا يجالسونا، وبيوتنا قاصية، ولا مسجد لنا الا مسجدك، فنزلت فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عبد الله بن سلام ومن معه: رضينا بالله رباً وبرسوله نبياً وبالمؤمنين أولياء" ، وعن ابن عباس رضى الله عنهما: نزلت فى عبادة بن الصامت حين تبرأ من موالاة اليهود، وقال: أتولى الله ورسوله والمؤمنين.
{ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَاةَ }: نعت للذين آمنوا، ولو كان الموصول كالوصف على قول سيبويه بجواز نعت الصفة، أو على اعتبار نيابته مناب الاسم، كأنه قيل: والناس الذين آمنوا، فلك جعل الذين نعت للناس المحذوف، ويجوز جعل الذين ثانى بدلا من الأول، أو خبر المحذوف أو مفعولا لمحذوف.
{ وَهُم رَاكِعُونَ }: جملة اسمية معطوفة على يقيمون الصلاة، عطف اسمية على فعلية، لأن تلك الفعلية المراد بها معنى الثبات، ولو دل فعلها على التكرير والتجدد لا بالوضع، ألا ترى أن المعنى الدوام على الاقامة الا أن ثبات الجملة الاسمية بمعنى عدم التعرض للتجدد، وعطف خاص على عام تشريفاً للركوع، ويجوز أن يراد بالركوع الخضوع لأمر الله ونهيه فى الصلاة والزكاة وسائر أعمالهم، لا ركوع الصلاة، فتعطف على الفعلية عام على خاص، فان اقامة الصلاة، وايتاء الزكاة خضوع، أو تكون حالا من واو يقيمون، أو يؤتون، ويجوز أن يكون المراد ركوع الصلاة على طريقة أخرى.
والمعنى أنهم يصلون صلاة تتضمن ركوعاً لا كصلاة من لا يركع من اليهود وغيرهم، وزعم الشيعة أن
{ الذين آمنوا الذين يقيمون } الى { رَاكِعُونَ } المراد به على بن أبى طالب، وأن جملة هم راكعون حال من واو يؤتون الزكاة وهى مقارنة، وأنه أعطى الزكاة وهو فى الصلاة راكع، سأله سائل وهو فى ركوع الصلاة فأعطاه خاتمه فى حال ركوعه، وأراد به الزكاة وعبر عنه بالجمع تعظيماً وهى دعوى بلا دليل عليها، والأصل العموم، والأصل أن لا يطلق لفظ الجمع على المفرد.
ومن دعوى الشيعة أن المراد بالوالى فى الآية المتولى للأمور، المستحق للتصرف فيها، وأن هذه الولاية دليل على امامة على، وزعم أيضاً من زعم أن المراد على وأن سائلا سأله فى الركوع فأعطاه خاتمه وهو صدقة تطوع، وأن المراد بالزكاة فى الآية صدقة التطوع، وهذا أيضاً تكلف بلا دليل، وزعم من زعم أيضاً أن فى ذلك دليل على أن العمل القليل فى الصلاة لا يفسدها ولو عمداً فى غير اصلاح الصلاة ولا ضرورة، لأنه أعطى الخاتم فى الصلاة، وليس كذلك بلا تعسف على تعسف، نعوذ بالله من التعب على غير تحقيق، ولو كان الفقير السائل يخاف يخاف عليه الموت أو ذهاب عضو للجوع لوجب الاعطاء له ولو فى الصلاة بلا نقض لها.