خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا جَآءُوكُمْ قَالُوۤاْ آمَنَّا وَقَدْ دَّخَلُواْ بِٱلْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُواْ بِهِ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُواْ يَكْتُمُونَ
٦١
-المائدة

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَإِذَا جَآءُوكُم قَالُوا آمَنَا }: قال قتادة: نزلت الآية فى أناس من اليهود يدخلون على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويظهرون له أنهم مؤمنون، وأنهم مستمسكون بما جاء به، راضون وهم فى السر، متمسكون بضلالهم، فأخبره الله تبارك وتعالى بشأنهم وأنهم يخرجون من مجلسك كما دخلوا، لم يتعلق بهم شىء مما سمعوا من تذكيرك بآيات الله ومواعظه، كما قال الله تعالى:
{ وَقَد دَّخَلُوا بِالكُفرِ وَهُم قَدْ خَرَجُوا بِهِ }: ولعل الآية نزلت فى المنافقين من العرب ومن اليهود، والواو وفى قوله: وقد دخلوا بالكفر واو الحال، وصاحب الحال واو جاءوكم أو واو قالوا وهو أولى، وأما واو قوله: { وَهُم قَدْ خَرَجُوا بِهِ } فقيل: ان هذا الحال كذلك فيكون قد تكرر من الحال، وهى جملة كل بواو الحال، وأولى من هذا أن تكون عاطفة على الحال فتحصل الحالية بواسطة العطف، ويجوز أن تكون للحال وصاحبها واو دخلوا، والمراد بالخروج على كل حال الخروج السابق على هذا الدخول، وفى الوجه الأخير عدم عطف الاسمية على الفعلية، ووجه العطف قرب الفعلية من الاسمية باقترانها بقد، وقد هذه لتقريب الماضى من الحال لتناسب الحالية، وكأنه كان مضمون مدخولها قريباً من الحال، يكاد يشاهد، ومع ذلك هى حال محكية، ويجوز أن تكون التوقع، لأن أمارات النفاق عليهم، فهو يتوقع ظهوره.
وعلى كل حال جاءت جملتان فعلية قريبة من الاسمية، ويتأكد قربها بجعل قد للتحقيق، وجملة اسمية فيها اسنادان، لأن الخبر فيها جملة، وفيه قد أيضاً بأوجهها المذكورة، فقد تمسكوا بالكفر جداً، لكن لما رأوا حسن سيرته صلى الله عليه وسلم وجلبه كان مقتضى الفعل أن يخرجوا مؤمنين فى الظاهر، ويجوز خروج شر وأضل على التفضيل، وقد سبق توجيه بقائهما على التفضيل، ولكونه صلى الله عليه وسلم يظن نفاق هؤلاء قال الله تعالى:
{ وَاللهَ أَعلَمُ بِمَا كَانُوا يَكتُمُونَ }: من الشرك فلا يفوته الانتقام منهم، وهذا دليل على قوة ظنه صلى الله عليه وسلم نفاقهم فى ذلك، حتى كأنه علم فقال: الله أعلم منك بنفاقهم.