خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَحَسِبُوۤاْ أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُواْ وَصَمُّواْ ثُمَّ تَابَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُواْ وَصَمُّواْ كَثِيرٌ مِّنْهُمْ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ
٧١
-المائدة

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَحَسِبُوا أَلا تَكُونَ فِتْنَةٌ }: أى ظن اليهود أنه لا يكون عليهم بلاء بقتل الأنبياء، ولحسب مفعولان وناب عنهما واحد لاشتمال اللفظ على المسند والمسند اليه، والكون لا خبر له، أى وحسبوا عدم كون فتنة، وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائى ويعقوب برفع تكون، وأن مخففة واسمها ضمير الشأن، وحسبوا على هذا بمعنى علموا، وله مفعول واحد كما مر فى قراءة النصب، وقال أبو الحسن والأخفش فى مثل القراءتين: المفعول الثانى محذوف وجوباً أى حسبوا عدم كونها حاصلا.
{ فَعَمُوا }: عن الحق فلم يدركوه بالدلائل، وعموا عن الدلائل.
{ وَصَمُوا } عن سماع الحق، كما عبدو العجل فى زمان سيدنا موسى عليه السلام.
{ ثُمَّ تَابَ اللهُ عَلَيْهِم ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا }: قدر الله لهم أنهم تركوا عبادة العجل، ورجعوا عنها، وهكذا معنى التوبة فى هذا المقام، فان ولاية الله وعداوته لا تنقلب، فمن علم الله أنه يشقى لم يتب الله عليه، بل هو فى براءة الله، وان قيل تاب عليه فما معناه الا أنه قدر له أنه رجع عن المعصية وسيرجع اليها، وقد أصر على غيرها الا أن يفسر بالتوبة الحقيقة باعتبار القليل الذى لا يعمى ولا يصم بعد ذلك، فذلك كل لا كلية، وقرىء، عموا وقرىء عموا وصموا بضم العين والصاد بناء للمفعول على لغة تعدية عمى وصم بنفسهما، والمشهور تعديتهما بالهمزة.
{ كَثِيرٌ مِّنْهُم }: بدل من واو صموا بدل بعض، ويقدر مثله لواو عموا أو فاعل لقوله: عموا على لغة: يتعاقبون فيكم ملائكة، ويقدر مثله لعموا على التنازع أو بالعكس، والواو ان على هذا حرف يدل على جماعة الذكور، واذا أضمر على التنازع فى هذه اللغة استتر الضمير وجوباً، وذلك لأنه يمكن كره هنا ضميراً لاشتغال الفعل بالواو الحرفية، وقيل خبر لمحذوف أى العمى والصم كثير، وقيل: مبتدأ وعموا خبر مقدم، وسوغ ذلك أنه لا يلبس التقديم لاتصال الواو بهما بالفعل والفاعل.
{ وَاللهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ }: عليهم به فلا يفوته عقابهم، وذلك عادتهم يعصون ويتوبوا، ثم ينكصون على أعقابهم فيموتون عاصين، وقيل: العصيان الأول فى زمان عبادة العجل فتابوا فقبلت توبتهم، والثانى فى زمان زكريا ويحيى وعيسى، وقيل: عموا وصموا بعد موسى، وتاب الله عليهم بارسال عيسى، ثم عموا وصموا لارسال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.