خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

لَهُمْ دَارُ ٱلسَّلَٰمِ عِندَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
١٢٧
-الأنعام

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ لَهم دارُ السَّلام عنْدَ ربِّهم } الجملة مستأنفة كأنه قيل: ما لهم على تذكرهم؟ فقال: لهم دار السلام، أو حال مقدرة من واو يذكرون، أو من قوم لوصفه يتذكرون، وهذه الجملة مقابلة كقوله: { { يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون } ذكر الله جعل صدره ضيقا حرجا، فذكر عاقبته وهى جعل الرجس على الذين لا يؤمنون، فالذين لا يؤمنون هم من جعل صدره ضيقا حرجا، فهو من وضع الظاهر موضع المضمر ليعلل جعل الرجس عليهم بانتفاء الإيمان، ثم ذكر قوما يذكرون وهم من شرح صدره للإسلام، فذكر عاقبتهم أنهم لهم دار السلام عند ربهم، وذلك إن أريد لمن جعل صدره ضيقا حرجا المشرك فقط، وإلا فليس من موضع الظاهر موضع المضمر، والواضح أن يراد به المشرك وغيره كما مر.
وعند ربهم ظرف متعلق بمحذوف حال من المستكن فى لهم العائد إلى دار السلام، لا من دار السلام، لأنه مبتدأ الصحيح أن لا حال من المبتدأ ألا يجعل لهم نعتاً أو حالا لما قبل، وجعلنا دار فاعلا لقوله لهم لاعتماده على صاحب حال، أو نعت، فحيئنذ يجوز عند حالا من دار، ومعنى كون دار السلام عند الله أنه تكفل بها ووعدها لأصحابها، أو أنها فى علمه وغيبه فى أى مكان أرادها، وأى وقت، وفيها ما لا أذن سمعت، ولا عين رأت، ولا خطر على قلب بشر، ودار السلام الجنة بأنواعها، وهن ثمانى جنان، وأضيفت للسلامة لسلامتها وسلامة من الآفات والفناء والأحزان والأمراض والأوساخ، وكل ما يكره، فالسلام مصدراً ودار السلام بمعنى دار التسليم كما قال الله تعالى:
{ { تحيتهم فيها سلام } أو لمعنى دار الله السالم من النقص، والسالم خلقه من ظلمه، فتكون أضيفت لله تعظيماً كبيت الله، وفى الإضافتين الأوليين تعظيم، وهذه أعظم، والسلام من أسماء الله السلام المؤمن المهيمن، وبهذا الوجه يقول الحسن والسدى.
{ وهُو وليُّهم } يلى أمرهم بإيصال المنافع إليهم، ودفع المضار دنيا وأخرى، ولا استعمال الوالى فى ذلك المعنى اكتفى به عن ذكر النصير، وقيل: المراد ذلك لكن فى الدنيا، لأن الآخرة ذكرها بقوله: { لهم دار السلام } لكن لا يكون قوياً مع قوله { بما كانُوا يعْملُون } لأن التعليق بالكسب يقتضى الآخرة، لأنها المعتبرة، وقيل: يلى أمرهم فى الدنيا بالتوفيق، وفى الآخرة بالجزاء، أو نسب للحسن بن الفضل، وقيل: وليهم ناصرهم على عدوهم، وقيل: محبهم، والباء للسببية فى جميع الأوجه، ويجوز كونها للملابسة إذا كان وليهم بمعنى متولى أمرهم على حذف مضاف، أى متولى أمرهم بجزاء ما كانوا يعملون، وتتعلق بقوله: { وليهم } وإن كان بمعنى متولى أمرهم تعليقها بحال محذوف، أى ملتبساً بجزاء ما كانوا يعملون.