خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي ٱلْلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ
١٣
-الأنعام

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ ولهُ ما سَكَن فى اللَّيل والنَّهار } له خبر، وما مبتدأ، والجملة معطوفة على قوله: { لله } ومبتدأه المحذوف، أى قل هو الله، وله ما سكن فى الليل والنهار، وفى الكلام حذف، أى وله ما سكن فى الليل والنهار وما تحرك فيهما، فالسكون ضد الحركة، وإن جعلنا سكن من السكنى وهو التمكين فى الدار أو غيرها من المساكن لم تحتج إلى حذف، أى وله ما جرى عليه الليل والنهار، وهو شامل لما تحرك وما سكن، وفيه سلامة الكلام من الحذف، مع حصول العموم الموجود فى الوجه الأول، ولكن الأصل أن لا يجعل الليل والنهار مسكناً، وإنما المسكن الأرض ونحوها من الأجسام، ووجه الإطلاق السكنى على الكون فى الليل والنهار تشبيه اشتمالهما على من فيهما باشتمال، نحو: الدار على من فيها، ففى الوجه الأول إضمار، وفى الثانى مجاز، والإضمار لدليل المقدم على المجاز، ثم إن أكثر المواضع لا ليل فيها ولا نهار كالسماوات.
ولو قلنا: الشمس ليست تحت سماء الدنيا، بل فى الرابعة، لأنها ولو غابت لا تظلم لها السماوات، وكالعرش والكرسى، وما لا يصله ضوء الشمس من البحر المحيط، فإنها تغيب بالدوران من وسطه ولا تقطعه، بل أكثر يكون من ورائها مظلماً أبداً، وما وراء البحر المحيط من الأرض وجميع الفضاء والأجسام فوق السماوات، وفى جهة الأرض، وفيما تحت هذه الأرض من الأرضين الست، وكل ذلك أيضاً لله، ولم يذكره لأن نعلمه بالقياس أو لذكره فى غير هذه الآية، مثل قوله تعالى:
{ { ألا له الخلق } ولو قلنا الخلق بالمعنى المصدرى، لأنهم إذا كان له الخلق كان له المخلوق.
ويجوز أن يراد له ما سكن أو تحرك حين كان الليل، أو كان النهار سواء أكان حيث الليل والنهار، أو حيث لا ليل ولا نهار، أو له ما تمكن حين كان الليل والنهار سواء أتمكن حيث الليل والنهار أو حيث لا ليل ولا نهار، وقدّم الليل لتقدم جنسه وهو الظلمة، إذ الضوء حادث بعدها، والمناسبة السكون لقلة الحركة فى الليل، لأنه للنوم والراحة كقوله تعالى:
{ { وجعل لكم الليل لتسكنوا فيه } وأما على أن قوله: { سكن } من السكنى فقدم الليل لتقدم الظلمة، وجود الصحيح عند المفسرين أن سكن هنا من السكنى، وعندى أنه من السكون ضد الحركة.
{ وهُو السَّميع } العليم بكل ما قيل { العليم } بذات الصدور، وكل ما كان من فعل أو ترك فيثبت ويعاقب، فهذا تضمن وعداً ووعيداً للمؤمنين والكافرين.