خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَىٰ مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّىٰ أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ ٱللَّهِ وَلَقدْ جَآءَكَ مِن نَّبَإِ ٱلْمُرْسَلِينَ
٣٤
-الأنعام

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ ولقد كُذِّبتْ رسلٌ من قَبْلك } كثيرة عظام، ومن قبلك نعت رسل، أو متعلق بكذب، هذا تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن تكذيب قومه له، وهذا مما يدل على التفسير الأخير فى قوله: { فإنهم لا يكذبونك } وهو أن المعنى أنهم لا يصيرونك كاذباً بجحودهم، سواء جحدوا بألسنتهم فقط أو بها وبقلوبهم، لأن الرسل قبله كذبتم أممهم بألسنتهم قلوبهم، أو بعض كذلك وبعض بألسنتهم.
{ فَصبرُوا على ما كُذِّبُوا وأوذُوا } عطف على كذبوا، وما مصدرية، أى فصبروا على تكذيبهم وإذائهم، ويجوز عطفه على كذبت رسل، أى كذبت رسل من قبلك وأوذوا، وإذا عطف على واحد قدر مثله للآخر، وكأنه قيل: ولقد كذبت رسل من قبلك وأوذوا، فصبروا على ما كذبوا وأوذوا، وذلك أنه لا يحسن أن يقال: ولقد كذبت رسل من قبلك وأوذوا فصبروا على التكذيب فقط دون الإيذاء، ولا أنهم كذبوا فقط صبروا على ما كذبوا وأوذوا معاً.
{ حتَّى أتاهُم نصْرنَا } حتى ابتدائية، ولا تخلوا عن معنى الغاية لأنها كفاء السببية، وهى للربط والاتصال، فاصبر على التكذيب والإيذاء كما صبرت الرسل من قبلك، ويأتيك نصرنا كما أتاهم نصرنا، وتفريع حتى أتاهم نصرنا على صبروا أولى من تفريعه على كذبوا وأوذوا، والمراد بالنصر القهر والغلبة، أو إهلاك الأعداء، أو إظهار البراهين والحجج، والآية، وعد النصر للصابرين.
{ ولا مَبْدل لكَلماتِ الله } مواعيده، وهى قوله:
{ { ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين } الآيات، إذ تتضمن غلبة الرسل، وقوله: { فإن حزب الله هم الغالبون } وقوله: { كتب الله الأغلبن أنا ورسلى } ونحو ذلك.
{ ولَقَد جَاءك مِنْ نبإِ المرْسَلين } من صلة للتأكيد وبناء فاعل عند الأخفش، المجيز زيادة من فى الإيجاب والتعريف، والمانع يجعلها للتبعيض تتعلق بمحذوف وجوباً نعت لفاعل محذوف، أى جاءك شئ ثابت حق نبأ المرسلين، أى شئ هو بعض نبأ المرسلين، ونبأهم هو خبرهم الواقع بينهم وبين أمهم، إذ كانت أممهم تؤذيهم ويصبرون ويكذبونهم، فما يمنعهم التكذيب عن التبليغ والتكرير، وروى أن بعض المشركين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى نفر من قريش فقالوا: يا محمد ائتنا بآية من عند الله كما كانت الأنبياء تفعل، فإنا نصدق بك، فأبى الله أن يأتيهم بها، فأعرضوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشق ذلك عليه فنزل قوله تعالى: