خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

تِلْكَ ٱلْقُرَىٰ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَآئِهَا وَلَقَدْ جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَٰتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ كَذَٰلِكَ يَطْبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِ ٱلْكَٰفِرِينَ
١٠١
-الأعراف

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ تِلكَ } مبتدأ { القرى } خبر، وإنما أفاد ذلك بواسطة الحال وهى جملة قوله: { نقصُّ عَليْك مِنْ أنبائها } أى نقص عليك بعضا من أخبارها وأخبار أهلها دون بعض، فإن أنباءها عام للأخبار الواقعة بها، والواقعة بأهلها، والعامل فى الحال معنى الإشارة، ويجوز أن يكون أل فى القرى للكمال والتعظيم، فتفيد الجملة بنفسها كقولك: زيد الرجل، والمراد هى قرى عظيمة أهلكناها ولم نبال لكفرهم، أو جاء على طريق تحسر العرب فى كلامهم، والجملة بعد ذلك حال أو خبر ثان، ويجوز كون القرى نعتا أو بيانا أو بدلا، والجملة بعده خبر.
{ ولقد جَاءتْهُم } أى أهل تلك القرى { رُسُلهم بالبيِّناتِ } الكاشفة عن صدقهم { فَما كانُوا ليؤمنُوا } هذه اللام مؤكدة للنفى قبلها، أى ما صلحوا للإيمان أصلا لمنافاته حالهم من الطبع والتصميم على الكفر، وهى الموسومة بلام الجحود { بما كذَّبُوا } أى بتكذيبهم، فما مصدرية، والجار متعلق بما النافية على جواز التعليق بحرف المعنى مطلقا، وبما كذبوه، فما اسم، والجار متعلق بيؤمنوا، من قبل متعلق بكذبوا، والفاء للتعقيب وهو أبلغ فى الذم، أى جاءتهم الرُّسل بالبينات ففاجئوهم بالتكذيب الكلى مقدرين الدوام عليه، فكأنه قيل: لن يؤمنوا حتى يموتوا بما كذبوه من الآيات من قبل ذلك، مع تتابع الآيات، فالمراد بالقبلية حين تبليغ الرسالة، أو المعنى لا يؤمنون عند مجىء الرسل بما كذبوا به من قبل مجيئهم، وذلك أنهم سمعوا الرسالة الواقعة قبلهم، فكذبوا بها، أو كذبوا عند خروجهم كالذر من صلب آدم فى قلوبهم ولو آمنوا بألسنتهم كرها حينئذ، فلن يعدوا ما سبق لهم، وبه قال أبىّ واختاروه، أو ما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به قبل هلاكهم لو رددناهم إلى الدنيا، وبه قال مجاهد، وذكر النقاش وجها آخر، وهو أنهم لا يؤمنون لتكذيب من قبلهم، فهم يجرون على سنن واحد تقليدا، فالواوان الأولان للآخرين والثالثة للقدماء.
{ كذلكَ } أى كالطبع المدلول عليه بنفى الإيمان، أو كالطبع المذكور قبل { يَطْبعُ اللهُ علَى قُلوب الكافِرينَ } مطلقا فلا تلين خشونتهم، وقيل: المراد بالكافرين كفار هذه الأمة.