خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَىٰ بِآيَٰتِنَآ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلإِيْهِ فَظَلَمُواْ بِهَا فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ
١٠٣
وَقَالَ مُوسَىٰ يٰفِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ
١٠٤
-الأعراف

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ ثمَّ بعثْنا مِنْ بَعْدِهم } أى من بعد الرسل أو الأمم { مُوسى بآياتِنَا } معجزاتنا كاليد والعصى والعقل، يجيز الرسالة بلا معجزة، وكون الرسول ملكا ولم يكن ذلك، وسمى البرهان آية لأنه علامة تدل على الله، ومعجزة لأنه يعجز من ليس برسول أن يأتى به، وتكون من نوع قدرة البشر، ويعجزون عنها كتمنى الموت المذكور فى: { { فتمنوا الموت إن كنتم صادقين } وخارجة عن قدرتهم كاليد والعصا وإحياء الموتى، وكلام الشجر والجماد، ونبع الماء من بين الأصابع، والله قادر أن يخلق الإيمان فى قلوب عباده بلا واسطة، ولكن أرسل رسلا لئلا يكون بعدهم حجة لمن يدعيها، والتحدى الدعاء إلى الدين ببرهان معجز، فقد تحدى باليد، وتحدى بالعصا، وقيل: التحدى الدعاء إليه بعد العجز عن معارضة المعجزة، فقد تحدى بالعصا، وقيل: الدعاء إلى الإتيان بمثل المعجزة.
{ إلَى فِرْعَونَ } نهته أمه عن القمار فقال لها: دعيني فإنى فرعون نفسى، يعنى مهلكها ومتمرد عليها، فسمى بذلك تلقيبا، ويكنى أبا العباس، واسمه الوليد بن مصعب بن الريان بن أراسة بن بروان ابن عمرو بن قارون بن عملاق بن لاود بن سام بن نوح، وقيل قابوس ابن مصعب، وكان ملك القبط، وقيل: هو فرعون يوسف الصديق، عمر نيفاً وأربعمائة سنة، ومات حاجبه وهو العزيز قبل ذلك، وقيل: فرعون يوسف غير يوسف المذكور على خلاف فى قول موسى:
{ { ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات } كما يأتى إن شاء الله، وأحب الأسماء إلى هذا الجبار لفظ فرعون، وكان لقبا لكل من ملك مصر فى الكفر، كنمرود فى يونان، وقيصر فى الروم، وكسرى فى فارس، والنجاشى فى الحبشة، ولزقين فى الأندلس، والنعمان فى العرب، وتبَّع فى اليمن، وجالوت فى البربر، وبلهوم فى الهند.
{ ومَلَئِهِ } أشراف قومه { فَظَلموا بها } أى ظلموا أنفسهم، ومن أرسل إليهم بسببها أو كذبوا بها، وكذبوا من أتى بها، وأوعدوا من آمن بها، وقيل: وضع ظلموا موضع جحدوا وكفروا، فعدى بالباء، وذلك أنهم كفروا بها مكان الإيمان الذى هو من حقها لوضوحها، فقد نقصوا حقها فذلك ظلم لها تضعه الكفر بها، كقوله: قد قتل الله زياداً أعنى حيث أنزل قتل منزلة صرف.
{ فانْظُر } يا محمد { كيفَ كانَ عاقبةُ } آخر أمر { المفْسِدينَ * وقالَ مُوسَى يا فِرعَون إنِّى رسولٌ مِنْ ربِّ العَالمينَ } إليك إلى قومك، وقيل: أرسل إليهم فى شأن بنى إسرائيل ليرسلهم، وأنه رسول إلى بنى إسرائيل فقط.