خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً ٱلَّذِي لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ٱلنَّبِيِّ ٱلأُمِّيِّ ٱلَّذِي يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَٱتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ
١٥٨
-الأعراف

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ قُلْ } يا محمد { يا أيُّها الناسُ إنِّى رسُولُ اللهِ إليْكم جَميعاً } حال من الكاف، وإلى الأنبياء والرسل وأممهم من قبلى، وما بعث نبى إلا أخذ عنه ميثاق أن يؤمن به، وإلى الجن، وإلى الجماد والحيوانات كلها والملائكة قاله بعضهم، وذلك حض على اتباعه، وأحلت له الغنائم، ونصر بالرعب أمامه شهر أو تقدم مما خصت به أمته معه شئ ولم يعط ذلك غيره.
{ الَّذِى } مفعول لأعنى محذوفا أو خبر لمحذوف، وذلك على المدح، أو مبتدأ خبره لا إله إلا هو، أو نعت لله فصل بينهما بمعموليه، قيل: لأنهما كالمتقدم على لفظ الجلالة { لَه مُلْك السَّماوات والأرْضِ } فهو المدبر والمالك، وهو الذى أمرنى أن أخبركم برسالتى إليكم، وكونه مالك السماوات والأرض، موجب لأن يذعن له فى الرسالة من شاء وغيرها.
{ لا إلَه إلاَّ هُو } إذا لم يجعل خبرا للذى فهو بدل اشتمال من قوله: { له ملك السماوات والأرض } لا بدل كل، ولا عطف بيان منه لتغايرهما، وأيضا عطف البيان على ما اشتهر يختص بالأسماء، لا يكون فى جمل خلافا لجار الله، وأيضا ليست هذه لمجرد الإيضاح والتفسير، نعم بينهما وبين الجملة قبلها سببية، فإن من ملك العالم كان هو الإله على الحقيقة، فليست بأجنبية، ولذلك قلت: إنها بدل اشتمال، وهى تتضمن بيانا للجملة قبلها.
{ يُحْيى ويُميتُ } بدل اشتمال ثان على إجازة تعدد البدل، أو بدل من البدل على إجازة الإبدال من البدل، أو مستأنف، وعلى كل حال ففيه تقدير للألوهية، لأن غيره لا يقدر على الإحياء والإماتة، فليس بإله ولا بمرسل نبيا { فآمنُوا بالله ورسُولِه } قدم الله لأن الإيمان به أوجب وأصل { النَّبىَّ الأمىِّ } هذا من كلام الله، فليس فيه التفات، وإن قيل: إنه من كلام رسوله المأمور بقوله، ففيه التفات من تكلم لغيبة فى الالتفات مزية بلاغة، والأصل فآمنوا بالله وبى.
وعلى الوجهين ففى الكلام التعبير بالظاهر وهو رسول مكان المضمر، إذ الأصل على الوجه الأول فآمنوا بالله وبه، وعلى الثانى فآمنوا بالله وبى، ونكتته إجراء الصفات عليه، وتأكيد الرسالة، وإيذان بان الذى يجب الإيمان به هو رسالته، وهو المعنى بالإيمان به، وبأن موجب الإيمان والرسالة فى أى إنسان كانت، وفى ذلك إظهار للإنصاف وتبرؤ من العصبية لنفسه، ونكتته أيضا إجزاء الصفات الداعية إلى الإيمان به والاتباع له.
{ الَّذِى يُؤمنُ باللهِ وكَلماتِه } ما أنزل عليه وعلى غيره من الأنبياء من الكتب والوحى، وقرأ عيسى بن عمر: وكلمته بالإفراد على إرادة الجنس، أو القرآن أو عيسى، وبه قال مجاهد، وإنما سمى كلمة لأنه لم يكن لوجوده سبب سوى قول الله سبحانه: { كن } ولم يكن من نطفة رجل ولا امرأة، وقيل: كان من نطفة تحدرت من أمه، ويجوز أن يراد بكلماته أو كلمته ما تكوَّن به عيسى وغيره من المخلوقات وهى كن، وزعموا عن قتادة أن المراد بآياته القرآن، وزعموا عن مجاهد والسدى أن المراد بكلماته بالجمع أيضا عيسى، وفى التفسير بعيسى فى الإفراد أو الجمع تعريض باليهود أن من لم يؤمن به فلا إيمان له، وفى التفسير بكتب الله ووحيه تعريض بأن من أنكر حرفا لم يكن مؤمنا، وقرأ الأعمش: الذى يؤمن بالله وآياته.
{ واتَّبعُوه } فى أمره ونهيه ووعظه وأخباره وقوله وفعله واعتقاده { لَعلَّكُم تَهتَدُون } رجاء الاهتداء، أو لكى تهتدوا، وقالوا: لعل من الله واجبة، وإن لم تتبعوه فلا اهتداء لكم ولو آمنتم به.