خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَآ أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ
٢٣
-الأعراف

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ قَالا ربَّنا ظَلَمنا أنفُسنا } بالتعرض للإخراج من الجنة بالمعصية، سميا الذنب الصغير ظلما، مستوجبا للهلاك، تعظيما لحق الله على عادة الأولياء والصالحين فى استعظام الصغير من السيئات، واستصغار العظيم من الحسنات، حتى أنه ليقال: حسنات الأبرار سيئات المقربين تعديد لغير الذنب ذنبا، فكيف بما هو ذنب كفعل آدم وحواء، والأمر فى الحقيقة كذلك فى تعظيم الذنب الصغير نظرا إلى عظمة الله وتحريمه له، ونهيه عنه.
وزعم بعضهم أن الأنبياء لا تصدر منهم الذنوب، وإنما ورد عنهم ليس ذنب فى الحقيقة، بل أمر لا يليق بدرجة النبوة صدر منهم على سبيل التأويل والسهو فعوقبوا عليه، وسمى ذنبا بالنسبة إلى كمال طاعتهم وعمارة باطنهم بالوحى، وأشفقوا أن يؤاخذوا بها نعم تنزههم عن الكبائر، وعن بعض أنهم يعملون الصغائر قبل النبوة لا بعدها، وزعم بعضهم أنهم قد يعملون الكبير قبلها، واختلف فى أكل آدم من الشجرة هل قبل النبوة أو بعدها؟ وفى الآية دليل على أن الصغيرة قد يعاقب عليها من اجتنب الكبائر، والأمر عندى كذلك يعاقب عليها فى الدنيا أو فى الآخرة بنحو تضييق القبر وتعذيبه، وطول المقام فى المحشر، ولا يدخل بها النار، وقالت المعتزلة: لا تجوز المعاقبة عليها مع اجتناب الكبائر.
{ وإنْ لَم تغْفِر لنا } ذنبنا { وترْحَمنا } تتفضل علينا برحمتك { لنكونَنَّ مِنَ الخاسِرينَ } الهالكين، وذلك منهما اعتراف وتوبة وطلب للستر، والتعمد بالرحمة، وأما إبليس فطلب النظرة لا التوبة، فوكل إلى رأيه قال قتادة: قال آدم: رب أرأيت إن تبت إليك واستغفرتك؟ قال: إذن أدخلك الجنة. وأما إبليس فإنما سأله النظرة فأعطى كل منهما ما سأله، قال الضحاك: هذه الآية هى الكلمات التى تلقاها آدم من ربه سبحانه.